طاعته على من لا يكون في ذلك المقام.
وهذا هو السرّ في قوله : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ...) (١) إلى آخره ، حيث قارن طاعة الرسول بطاعته تعالى.
فالمراد بالآثم والكفور غير الحقّ تعالى ، أي لا تطع أحدا من الخلق ، فإنّه لا ينبغي لك ذلك ، كيف وقد فزت بمقام القرب الأكمل الّذي لا يكافؤك فيه أحد من الملائكة المقرّبين ، والأنبياء والمرسلين ، فأنت المستحقّ بمقامك هذا لأن يطيعك غيرك من الخلق ، فليس لك أن تطيع أحدا إلّا الّذي هو فوقك ، وهو الّذي خلقك وعلّمك ما لم تكن تعلمه قبل ذلك ، سبحانه وتعالى عمّا يصفون.
ففيه إشارة إلى أنّ محمّدا صلّى الله عليه وآله أفضل من كلّ شيء ممّا هو في دائرة الإمكان. كيف وهو قطبها بالحكمة والعرفان ، ومقامه فوق مقام كلّ شيء ، لا يكافؤه شيء ، ولا يدانيه شيء ، ولا يوازيه شيء.
كيف وهو طاووس الجبروت ، وعندليب الحقّ في بستان اللاهوت ، روحي وروح العالمين فداه.
كيف لا وقد شهدت على كمال مقامه حقائق كلّ شيء ، ونطقت بفضله وشرفه على كلّ شيء ألسنة حال كلّ شيء ، ويدلّك على ذلك أنّه خلق قبل كلّ شيء ، فبه خلق كلّ شيء ، وكان هو الغرض الأصلي من خلق كلّ شيء.
وفي تفسير الإمام عليه السلام بعد حديث طويل : فأراد الله أن يشرح صدره ، ويشجّع قلبه ، فأنطق الجبال والصخور والمدر ، وكلّما وصل إلى
__________________
(١) التغابن : ١٢ ، المائدة : ٩٢.