بالآثار والنتائج. من دون أن يكون ثمة حاجة إلى التوقيف.
فإذا كان النبي صلىاللهعليهوآله أو الإمام عليهالسلام هو الأعرف والأدرى بحقيقة الظروف والأحوال التي تمرُّ بها الأمة ، وقد عَرَّفَ الناس ، بظروفهم وحالاتهم ، ووقف على حقيقة خصائصهم ومستوياتهم ، وطريقة تفكيرهم ، ونوع طموحاتهم ، وطبيعة تحركاتهم ، فإنه سوف يكون بمقدروه رسم آثارها ، ونتائجها بحسب ما لها من تدرُّج طبيعي ، وفق المعايير الواقعية ، التي يعرفها عليهالسلام ويدركها أكثر من أي إنسان آخر ، ويكون إخباره عليهالسلام بذلك على حدّ إخبار الطبيب الخبير بما ستكون عليه حالة رجلٍ قد جلس في حرّ الهاجرة ثلاث ساعات مكشوف الرأس ، تصهره أشعة الشمس.
فإذا أخبر بصورة قاطعة بالحالات والعوارض التي ستنتاب هذا الشخص ، فسوف يتحقق ما يخبر به جزماً وحتماً.
ولتكون إخبارات الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام الذي كان من أعرف الناس بزمانه وأهله عمّا ستكون عليه الحال لو حكم الأمة بنو أمية ـ لتكن ـ من هذا القبيل ، فقد قال عليهالسلام :
« .. وأيم الله ، لتجدُنّ بني أميّة لكم أرباب سوء بعدي ، كالنّاب الضروس ، تعذم بفيها ، وتخبط بيدها ، وتزبن برجلها ، وتمنع ردّها. لا يزالون بكم حتى لا يتركوا منكم إلا نافعاً لهم ، أو غير ضائر بهم. ولا يزال بلاؤهم ، حتى لا يكون انتصار أحدكم منهم إلا كانتصار العبد من ربّه ، والصاحب من مستصحبه ، ترد فتنتهم شوهاء مخشية ، وقِطَعاً جاهلية. ليس فيها منار هدى ولا علم يرى » (١).
__________________
(١) نهج البلاغة ج ١ ص ١٨٣ و ١٨٤ والبحار ط قديم ج ٨ ص ٥٥٨ والغارات ج ١ ص ١٠ فما بعدها.