وقد صرحت الرواية الثالثة المتقدمة بهذا حيث قالت :
« فقال له حمران : ما المحتوم ؟
قال : الذي لله فيه المشيئة ».
أما الرواية الرابعة التي هي موضع البحث فقد أشارت إلى هذا القسم وإلى القسم الثالث الآتي بيانه وهي تفسر المراد من الرواية الثالثة.
الثالث : ما يكون الإخبار فيه عن أمور حتمية الوقوع ، ولا يتدخل الله سبحانه للتغيير فيها ، مع قدرته على ذلك ، إذ إن ذلك يتنافى مع صفاته الربوبية.
فمثلاً : الله قادر على فعل القبيح ، وعلى الظلم ، ولكن يستحيل صدورها منه :
( وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) (١) ، لأن ذلك يتنافى مع عدل الله سبحانه ، ومع كونه لا يفعل القبيح.
وكذا الحال بالنسبة إلى كل ما يتنافى مع حكمته ورحمته.
وخلف الوعد أيضاً من هذا القبيل ، فيستحيل منه تعالى ، وقد صرحت الرواية السابقة بأن قيام القائم ( عجل الله فرجه ) من هذا القبيل ، أي من الميعاد ، والله سبحانه لا يخلف الميعاد.
ومما تقدم نعرف :
١ ـ أن البداء في علامات الظهور إنما هو من القسم الأول.
٢ ـ أن البداء في العلامات التي هي من المحتوم ، إنما هو من القسم الثاني.
__________________
(١) الآية ٤٩ من سورة الكهف.