يوم الحساب لنسيانهم ما في ذلك اليوم من الأهوال ، وأن الله سيحاسب كل نفس بما كسبت ، فمن دسّى نفسه وسلك بها سبيل المعاصي فقد حق عليه العذاب الذي كتبه على العاصين جزاء وفاقا على أعمالهم التي كسبوها بأيديهم.
(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨) كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٢٩))
تفسير المفردات
باطلا : أي عبثا ولعبا ، ويل : أي هلاك ، مبارك : أي كثير المنافع الدينية والدنيوية ، ليدبروا : أي ليتفكروا ، ليتذكر : أي ليتعظ ، الألباب : واحدها لبّ ، وهو العقل ، وقد يجمع على ألبّ ويفك إدغامه في ضرورة الشعر ، قال الكميت :
إليكم ذوى آل النبىّ تطلّعت |
|
نوازع من قلبى ظماء وألبب |
المعنى الجملي
بعد أن ذكر أن الذين يضلون عن سبيل الله لهم العذاب الشديد يوم الحساب لظنهم أنه ليس بكائن ـ أعقب هذا ببيان أن هذا اليوم آت لا ريب فيه ، لأنه سبحانه لم يخلق الخلق عبثا ، بل خلقهم لعبادته وتوحيده ، ثم يجمعهم يوم الجمع فيثيب المطيعين ، ويعذب الكافرين ، ثم أردف ذلك ببيان فضل القرآن الذي أنزله على رسوله هاديا للناس ، ومنقذا لهم من الضلالة إلى الهدى ، فإذا هم تدبروا آياته ، واتعظوا بعظاتها ، سعدوا في الدارين ، وبلغوا السماكين ، وكانوا سادة العالم أجمع.