إلى خطأ قوله ، وعظيم جهله ، بأنّ خلق مثلكم من العظام الرميم ـ ليس بأعظم من خلق السموات والأرض ، وإذا لم يتعذر عليه خلق ما هو أعظم منكم ، فكيف يتعذر عليه إحياء العظام بعد ما قد رمّت وبليت؟.
والخلاصة ـ إنه تعالى نبّه إلى عظيم قدرته على خلق السموات السبع بما فيها من الكواكب السيارة والثوابت والأرضين السبع وما فيها من جبال ورمال وقفار وما بين ذلك ، وإلى أن الذي قدر على إيجاد هذه العوالم العظيمة ـ قادر على إعادة الأجساد بعد البلى.
ونحو الآية قوله : «لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ» وقوله : «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى؟ بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
ثم ذكر ما هو كالنتيجة لما سلف من تقرير واسع قدرته ، وإثبات عظيم سلطانه فقال :
(إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) أي إنما شأنه تعالى في إيجاد الأشياء أن يقول لما يريد إيجاده : تكوّن فيتكوّن ويحدث فورا بلا تأخير.
وهذا ولا شك تمثيل لتأثير قدرته فيما يريد ، بأمر المطاع لمن يطيعه في حصول الأمور به بلا توقف ولا افتقار إلى مزاولة عمل ولا استعمال آلة.
وبعد أن أثبت لنفسه القدرة التامة والسلطة العامة ، نزّه نفسه عما وصفوه به ، وعجّب السامعين مما قالوه فقال :
(فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) أي تنزه ربنا الحي القيوم الذي بيده مقاليد السموات والأرض ـ عن كل سوء.
(وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أي وإليه يرجع العباد يوم المعاد ، فيجازى كل عامل بما عمل ، وهو العادل المنعم المتفضل.