الهدى ، فهو يتواثب على الإقرار بالحق إذا لاح له بريق من نوره ، فتمتلىء جوانبه إشراقا وضياء ، ويخرّ له مذعنا مستسلما ، وكأنّ طائفا من السماء نزل عليه فأثلج صدره وألان قلبه ، فاطمأنّ له وركن إليه ، وذلك من رزقه الله التوفيق والهداية ؛ وكتب له الفوز والسعادة.
وبعدئذ بين عاقبة من أعرض عنه فقال :
(وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ) أي وتجب كلمة العذاب على الكافرين به الذين هم كأنهم أموات لخلوهم من النفوس الحساسة اليقظة التي من دأبها اتباع الحق ومخالفة الهوى.
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ (٧١) وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ (٧٢) وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٧٣))
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه الأدلة على الأصول الثلاثة : الوحدانية والحشر والرسالة ـ أعاد الكلام في الوحدانية وذكر بعض دلائلها.
الإيضاح
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ) أي أو لم يشاهد هؤلاء المشركون بالله الأصنام والأوثان : أنا خلقنا لهم بقدرتنا وإرادتنا بلا معين ولا ظهير ـ أنعاما من الإبل والبقر والغنم يصرّفونها كما شاءوا بالقهر والغلبة