أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠))
المعنى الجملي
بعد أن ذكر أول السورة أن محمدا صلّى الله عليه وسلم دعا إلى التوحيد وأثبت أنه نبىّ ، ودعا إلى الحشر والنشر فقابلوه بالسفاهة وقالوا إنه ساحر كذاب ، ثم صبّره على ذلك وقص عليه من قصص الأنبياء قبله ما يكون سلوة له في الصبر على الأذى ، ثم أردف ذلك ذكر ثواب أهل الجنة وعذاب أهل النار ـ عاد هنا إلى تقرير هذه المطالب التي ذكرها أول السورة وهى تقرير التوحيد والنبوة والبعث.
الإيضاح
(قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ) أي قل أيها الرسول لمشركى مكة : إنما أنا نذير مرسل من ربى لأحذركم مخالفة أوامره حتى لا يحل بكم من العقاب مثل ما حل بالأمم قبلكم كعاد وثمود ، ولست بالساحر ولا الكذاب ، ولا بالمسيطر الجبار على نحو ما جاء في قوله :
«لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ» وقوله : «وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ. فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ».
وبعد أن ذكر وظيفة الرسول ذكر ما يبلغه للناس فقال :
(وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ. رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) أي إنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وهو الذي قهر كل شىء وغلبه بعزته وجبروته ، وهو مالك السموات والأرض وما بينهما ، وهو الذي يغلب ولا يغلب ، ويغفر الذنوب لمن يشاء من عباده إذا تاب ، جلت أو حقرت.
ثم توعدهم على مخالفته وترك العمل به وأمر رسوله أن يجلى لهم حقيقة وظيفته ، ليرعووا عن غيهم ويثوبوا إلى رشدهم فقال :