الإيضاح
(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً) أي وما أوجدنا السماء وما فيها من زينة ومنافع للناس ، والأرض وما فيها من فوائد في ظاهرها وباطنها لهم ، وما بينهما مما يعلمون ومما لا يعلمون ـ لهوا ولعبا ، بل خلقناها مشتملة على حكم باهرة ، وأسرار بالغة ، ومصالح جمة ، فقد خلقناها للعمل فيها بطاعتنا ، والانتهاء إلى أمرنا ونهينا ، فإنا لن نترك الناس سدى ، بل سنعيدهم بعد موتهم إلى حياة أخرى يحاسبون فيها على النقير والقطمير والقليل والكثير ، ثم يلقون الجزاء على ما كسبت أيديهم ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
ونحو الآية قوله : «وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ».
ثم بين أن هذا الظن الفاسد قد ظنه الذين كفروا بالله وجحدوا آياته فقال :
(ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي إن الذين كفروا بالله وآياته التي نصبها في الأنفس والآفاق ، ولم يتدبروا حق التدبر في خلق هذا الكون البديع الدالّ على قدرة خالقه وعظيم تصرفه ـ أنكروا الحكمة في خلقه ، وأنه إنما وجد ليكون دليلا على وجود خالقه ، وبرهانا على وحدانيته كما ورد في الحديث القدسي «كنت كنزا مخفيّا فأردت أن أعرف فخلقت الخلق فبى عرفونى».
ونحو الآية قوله : «أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ» ثم بين أن لهم سوء المنقلب ، على بطلان ما اعتقدوا ، وقبيح ما فعلوا فقال :
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) أي فياويل الكافرين من النار التي أعدت لهم مستقرا ومقاما ، جزاء لهم على ما اجترحوا من الشرك بربهم وخالقهم ، وكفرانهم بنعمه التي أنعم بها عليهم ، وإنكارهم لليوم الذي تجازى فيه كل نفس بما قدمت من صالح العمل وسيئه «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ»