الطائفة التي تدخل قبل الأخرى حين تقبل التي بعدها مع الخزنة والزبانية : هذا جمع كثيف داخل معكم ، فلا مرحبا بهم.
قال ابن عباس في تفسير الآية : إن القادة إذا دخلوا النار ثم دخل بعدهم الأتباع تقول الخزنة للقادة : هذا فوج داخل النار معكم ، فيقول السادة : لا مرحبا بهم ، والمراد بذلك الدعاء عليهم ، قال النابغة :
لا مرحبا بغد ولا أهلا به |
|
إن كان تفريق الأحبّة في غد |
ثم علل استيجاب الدعاء عليهم بقوله :
(إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) أي إنهم ذائقو حر النار مثلكم.
وهذا كلام من المتبوعين والرؤساء الذين أغووهم وأدخلوهم في الكفر ، وحينئذ يردّ عليهم الداخلون من الأتباع ويقولون لهم :
(بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ) أي قال الأتباع وهم الفوج المقتحم للنار لأولئك الرؤساء : بل أنتم أحق منا بما قلتم (لا مرحبا بكم) فإنكم أغويتمونا ودعوتمونا إلى ما أفضى بنا إلى هذا المصير ، وبئس النار المنزل والمستقر.
وهذا كلام يراد به التشفي منهم ، لأنه مشترك بينهم.
ونحو الآية قوله : «كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها».
ثم ذكر مقالة أخرى للأتباع ذمّا لهم أيضا فقال :
(قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ) أي قال الأتباع دعاء على رؤساء الضلال. ربنا آت من قدم لنا هذا العذاب ـ عذابا مضاعفا في النار ، عذابا للضلال وعذابا للإضلال كما ورد في الحديث «من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها».
ونحو الآية قوله : «رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ» وقوله :
«رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا. رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً».