المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه أن المشركين يهرعون على آثار آبائهم الأولين دون نظر ولا تدبر ـ أردفه ما يوجب التسلية لرسوله على كفرهم وتكذيبهم ، بأن كثيرا من الأمم قبلهم قد أرسل إليهم الرسل فكذبوا بهم وكانت عاقبتهم الدمار والهلاك ، ونجّى الله المؤمنين ونصرهم ، فليكن لك فيهم أسوة ، ولا تبخع نفسك عليهم حسرات إن عليك إلا البلاغ.
الإيضاح
(وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ) أي ولقد ضل قبل قريش كثير من الأمم السابقة ، فعبدوا مع الله آلهة أخرى كما فعل قوم إبراهيم وقوم هود وقوم صالح.
ثم ذكر رحمته بعباده وأنه لا يؤاخذهم إلا بعد إنذار فقال :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ) أي فأرسلنا فيهم أنبياء ينذرونهم بأس الله ويحذرونهم سطوته ونقمته ، لكنهم تمادوا في مخالفة رسلهم وتكذيبهم ولم يستجيبوا دعوتهم كما أشار إلى ذلك بقوله :
(فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) أي فانظر كيف كان عاقبة الكافرين المكذبين ، فقد دمرهم الله ونجّى المؤمنين ونصرهم.
وهذا خطاب موجه إلى كل من شاهد آثارهم ، وسمع أخبارهم ، فقد سمعت قريش بأنباء قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم ، وكيف كان عاقبة أمرهم.
وقد استثنى من هؤلاء المهلكين عباد الله المخلصين فقال :
(إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) أي لكن عباد الله الذين أخلصهم الله بتوفيقهم للإيمان والعمل بأوامر دينه ،. أنجاهم من عذابه ففازوا بالنعيم المقيم في جنات عرضها السموات والأرض.