وموثّقة أبي بصير التي ذكرناها سابقا أنّها مستند الشيخين في الاستحباب (١) فلاحظ ، إلى غير ذلك من الأخبار المعتبرة الكثيرة (٢) ، فإنّها تشهد على صحّة مضمونها ، كما لا يخفى على المتتبّع.
فإذا كان المعصوم عليهالسلام صرّح بعدم الانصراف بالسلام عليك. إلى آخره ، مع كونه بعد الشهادتين وبعد الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّه ما لم يتحقّق «السلام علينا» ولم يتم ، لم يتحقّق الانصراف ، وأنّ الانصراف منحصر فيه ، فكيف يحكم بكون الانصراف متحقّقا بالفراغ عن الشهادتين؟
ومن المعلوم المجزوم به المسلّم عند الكلّ ، أنّ أخبارهم يكشف بعضها عن بعض ، وأمروا عليهمالسلام بردّ متشابهات أخبارهم إلى المحكمات (٣) والإجماع واقع عليه ، والمدار في الفقه عليه من أوّله إلى آخره.
بل الظاهر من أخبارهم يردّ إلى الأظهر ، وعليه أيضا المدار في الفقه عند الكلّ ، فإنّ العام يخصّص والمطلق يقيّد.
والأمر يحمل على الاستحباب ، والنهي على الكراهة ، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى ولا يخفى.
فعلى تقدير تسليم ظهور كون المراد من الانصراف المعنى اللغوي ، وكون المقام ، مقام العموم أو الإطلاق ، وأنّهما كافيان في تحقّق المراد من الانصراف فيها. فمعلوم أنّ المطلق ينصرف إلى المتعارف الشائع ، كما هو مسلّم عنده أيضا ومداره عليه.
__________________
(١) المقنعة : ١٣٩ ، النهاية للشيخ الطوسي : ٨٩.
(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٤١٩ الباب ٢ ، ٤٢٦ الباب ٤ من أبواب التسليم.
(٣) وسائل الشيعة : ٢٧ / ١١٥ الحديث ٣٣٣٥٥.