ومن البديهيّات أنّ المتعارف الشائع الانصراف بالتسليم ، ومع ذلك معلوم أنّ المطلق أو العموم لو فرض تحقّقه ليس بمثابة التصريح والتوضيح الوارد فيهما ، مع اعتضادهما بأخبار صحاح ومعتبرة ، مقبولة عند الكلّ لا تكاد تحصى تلك الأخبار ، مضافا إلى مؤيّدات اخر ، كما مرّ.
على أنّا نقول : أيّ فرق بين لفظ هذا الانصراف المأمور به وألفاظ التكبيرات المطلقة المأمور بها في الافتتاح ، فإنّ القائل باستحباب التسليم لم يرض بالاكتفاء بما يعد في عرف العرب تكبيرا لله تعالى.
بل قالوا ما قالوا فيها ، مع كون تلك المطلقات في الأخبار المتواترة لا تحصى عددا ، وفي المقام لم يرد إلّا لفظ واحد ذكر تقريبا لأمر آخر.
مع أنّه لم يرد في تكبير الافتتاح ما ورد في المقام من الألفاظ الصريحة ، ودلالة الحصر وشواهدها التي لا تحصى ، بل لم يرد في تكبيرة الافتتاح ما يشير إلى الهيئة المعروفة ، فضلا عن التصريح والحصر والشواهد التي لا تحصى.
على أنّا نقول : المعنى اللغوي إذا كان حاصلا بمجرّد الفراغ عن الشهادتين ، فلا معنى لأمر المعصوم عليهالسلام بتحصيله بعد الفراغ ، فإنّ تحصيل الحاصل من المحالات البديهيّة ، والمعصوم عليهالسلام لم يقل : إذا فرغت من الشهادتين فقد انصرفت ، كما قال ذلك في «السلام علينا» مكرّرا ، بل قال : «قل : أشهد أن لا إله إلّا الله». إلى آخره ، ثمّ قال : «تنصرف» ، فأمره بإيجاد الانصراف وتحصيله.
وجعل قوله : «تنصرف» عطفا على قوله : «قل أشهد». إلى آخره ، ومعلوم أنّ الأمر حقيقة في الوجوب ، والسياق أيضا يقتضي الوجوب.
وجعل العطف بأداة ، «ثمّ» الدالّة على التعقيب والترتيب ، بل التراخي أيضا ، لعلّ فيه إشارة إلى كون الانصراف مطلوبا بعد امور اخر ، مثل الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والدعاء له بقوله : «وتقبّل شفاعته وارفع درجته» ، وقول : «السلام