الاحتياط كمال الضعف.
ومع ذلك لا يبالون في المقام أصلا ، ولا يعتنون مطلقا بشأن ما نصّ عليه الصحيح ، واتّفق الفتاوى من القدماء والمتأخّرين عليه ، ولو ذكر ذلك لهم ربّما يتعجّبون ويستنكرون ، وإن قال في «الذخيرة» ما قال (١).
والحاصل ؛ أنّ الذي ثبت اعتباره من النصّ والفتاوى ، هو عدم الساتريّة بالساتر على نهج ما مرّ ، من دون اعتبار رؤيته أصلا ورأسا ، ولا ضرر [في] موانع الرؤية من غاية طول الصفّ أو الظلمة ، أو غيرهما.
ومن أراد التحقيق أزيد ممّا ذكر فعليه بمطالعة حاشيتنا على «المدارك» (٢).
فإن قلت : عبارة الشهيدين (٣) ظاهرة فيما ذكراه.
قلت : لو كان كذلك يرد عليهما أيضا ما ورد عليهما.
فإن قلت : لعلّ نظرهم إلى أنّ علّة عدم ذلك هو الاطّلاع على حال الإمام لتأتّي متابعته الواجبة ، فيكفي لأهل الصفّ الأوّل مشاهدتهم من هو في صفّهم مما يحاذي الباب.
قلت : على هذا لم يكن فرق بين المأمومين الرجال والذكران والنساء ، مع عدم اشتراط عدم الحائل بالنسبة إليهنّ ، ولزوم اطلاعهنّ على حال الإمام في متابعتهنّ ، مع أنّه لا يؤمن من خطأ من حاذى أو سهوه وغفلته ، مع أنّ كلّ واحد من الصفّ إن كان ركوعه مثلا بعد وقوع الركوع من الآخر ربّما يؤدّي ذلك إلى وقوع ركوع بعض أهل الصف بعد رفع رأس الإمام ، بل وبعد سجوده ، بل وبعد رفع رأسه من السجود ، وهكذا على طول الصف وكثرة الصفوف ، فتأمّل!
__________________
(١) ذخيرة المعاد : ٣٩٣.
(٢) الحاشية على مدارك الأحكام للوحيد رحمهالله : ٣ / ٣٤٥ ـ ٣٤٩.
(٣) الروضة البهيّة : ١ / ٣٨٠.