الحكم بقطع الكلّ؟
مع أنّ القدماء صرّحوا بعدم جواز السجود إلّا على الأرض أو ما أنبتت ، وادّعوا الإجماع ، وكونه من دين الإماميّة ، على حسب ما أشرنا إلى بعض كلماتهم (١) ، بل المتأخّرون أيضا أفتوا كذلك ، وادّعوا الاجماع على ذلك.
ومع ذلك لا خفاء في خروج الخزف عن صدق اسم الأرض عليه حقيقة أو تبادرا من دون قرينة أصلا ، إذ لا خفاء في عدم التبادر إلى الذهن الخالي عن القرينة والغافل عن هذا النزاع والمعركة ، بل من سماع مجرّد لفظ الأرض الخالي عن القرينة بالمرّة لا يتبادر إلى الذهن ، الأجزاء المنفصلة من الأرض مثل الفردة من المدرة أو الحجر ، أو الكفّ من التربة أو الحصى ، فما ظنّك بالخزف؟
بل صرّح في «الذخيرة» بأنّه يجوز الصلاة على المنفصلة المذكورة ، وإن لم يصدق عليها اسم الأرض ، وصرّح في الخزف بأنّ الظاهر أنّه مستحيل عن الأرض ، وأنّ اسم الأرض لا يصدق عليه (٢).
وفي «المدارك» أيضا اعترف بذلك كما ذكرنا (٣) ومع جميع ما ذكر لم ير من الفقهاء أنّهم تعرّضوا لجواز السجود على الخزف ، إلّا من قليل منهم في قليل من كتبه ، فظاهر كلّ من لم يتعرّض عدم الجواز بلا تأمّل!
على أنّه غاية ما يكون التأمّل في صدق اسم الأرض عليه بالنحو الذي ذكر ، مع أنّه لا تأمّل في عدم الصدق ، وعدم التبادر على حسب ما ذكر ، فمع عدم تصريحهم بالجواز كيف يمكن الحكم بقطعهم بالجواز ، لو لم نحكم بقطعهم بعدم الجواز؟
__________________
(١) راجع! الصفحة : ١٩ من هذا الكتاب.
(٢) ذخيرة المعاد : ٢٤١.
(٣) مدارك الأحكام : ٣ / ٢٤٤.