كون المراد خصوص صورة العمد ، جمعا بينها وبين الصحاح والمعتبرة ، بحمل تلك على خصوص صورة النسيان والخطأ ؛ إذ فيه ـ مضافا إلى ما عرفت سابقا ممّا أوردنا على الموثّقة سندا ومتنا ودلالة ، وعدم مقاومتها للصحاح والمعتبرة الكثيرة من وجوه كثيرة غير عديدة ، فضلا أن تغلب عليها ـ أنّ من رفع رأسه قبل الإمام ، لو كان عالما بتحريمه ، وعامدا ذلك مريدا دخول النار ، وكونه من الفجّار ، كيف اختار المستحبّ ، وأتعب نفسه في إيجاده وتحصيله ، ومع ذلك يفعل ذكر من العصيان والطغيان ، ومع ذلك يريد معرفة علاج هذا العصيان حال الصلاة متّصلا بنفس عصيانه ، ويسأل عنه بأنّه يعود من فوره مع الإمام أم لا ، وأنّ ذلك تدارك طغيانه أم لا ، من غير أن يسأل أنّ صلاته المذكورة صحيحة أم لا ، حيث سأل أيعود فيركع إذا أبطأ الإمام ويرفع رأسه معه؟!
وأعجب من هذا أن يقول عليهالسلام في جوابه : «لا» ، من غير أن يستفصل أنّ ما صدر كان خطأ أو سهوا أو عمدا ، ومن دون تعيين من السائل شرع في الجواب ، فأجابه بخصوص حكم حال العمد فقط ، من دون إنكار عليه أصلا في العصيان المذكور.
وكذا لم يستفصل عليهالسلام أنّ ما صدر منك حين العصيان والعتوّ هل كان فيه قصد القربة إلى الله تعالى منك في فعله مع كون مرادك العصيان له تعالى ومخالفة أمره والإتيان بفعل الفجّار الذي يدخلك النار ، ويبعدك عن الله الجبّار القهّار ، وكنت محصّلا في ذلك سخطه وغضبه ، إلى أن يجعل الله تعالى رأسك رأس حمار ، كما مرّ نقله عن الرسول المختار (١) ، وتلقّاه بالقبول الفقهاء الأخيار ، فهل قصدت الامتثال والإطاعة في عصيانك المذكور؟ وهل نويت القرب إليه تعالى بما يبعدك عنه من
__________________
(١) راجع! الصفحة : ٣٢٧ من هذا الكتاب.