مع أنّه استدلّ بالآية على وجوب صلاة الجمعة عينا على كلّ مكلّف ، وبالغ في ذلك (١) ، مع أنّ فيها ما يدلّ على الاستحباب أو الإباحة ، مثل قوله تعالى : (فَانْتَشِرُوا) وقوله تعالى (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) وقوله تعالى (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً) (٢).
وكذا الحال في سائر المواضع التي استدلّ فيها على الوجوب ، مع أنّه ما ذكره إن كان مختصّا بلفظ الأمر ، ففيه ما فيه من التحكّم الظاهر ، وإن كان جاريا في كلّ لفظ من ألفاظ الحديث فقلّما يسلم حديث عمّا ذكره ، بل ربّما لا يبقى سالم أصلا ؛ لأنّ تخصيص ذلك بكون المجاز في خصوص ذلك اللفظ ، مع عدم الإتيان بقرينة عليه تحكّم آخر ؛ لعدم فرق بين المسامحة في ذلك اللفظ أو لفظ آخر ، فتأمّل جدّا!
وفي «الذخيرة» وافق العلّامة في المقام ، بمنعه كون الأوامر في الأخبار من الأئمّة عليهمالسلام حقيقة في الوجوب ، وباقية عليه في كلّ مقام (٣) وفيه ما فيه ، وبيّنا مفاسده في «الفوائد» (٤).
قوله : (كما في الصحيح).
هو صحيح الحلبي عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «إذا فاتك شيء مع الإمام فاجعل أوّل صلاتك ما استقبلت منها ، ولا تجعل أوّل صلاتك آخرها ، ومن أجلسه الإمام في موضع يجب أن يقوم فيه تجافى وأقعى إقعاء ولم يجلس متمكّنا» (٥).
__________________
(١) مدارك الأحكام : ٤ / ٥ و ٦.
(٢) الجمعة (٦٢) : ١٠.
(٣) ذخيرة المعاد : ٤٠٠ ، لاحظ! منتهى المطلب : ٦ / ٢٩٨.
(٤) الفوائد الحائريّة : ١٥٨ ـ ١٦٠.
(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٦٣ الحديث ١١٩٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٨٦ الحديث ١٠٩٧٤ و ٤١٨ الحديث ١١٠٦٠.