نهي فيها أصلا ، حتّى يحمل على الكراهة.
بل ظهر من روايات زرارة أنّ القراءة إنّما هي في الأوّلتين خاصّة ، وأنّ الأخيرتين ليس فيهما قراءة أصلا ، إنّما هو تسبيح وتحميد وتهليل ودعاء ، كما ورد في هذه الصحيحة أيضا.
فقوله : لا يقرأ فيهما ، نفي صفة للركعتين ، يشهد عليه ما ذكرناه وما ذكر في هذه الصحيحة بعد قوله : لا يقرأ فيهما ، بلا فصل من قوله : لأنّ الصلاة إنّما يقرأ فيهما في الاوليين ، إلى قوله : وفي الأخيرتين لا يقرأ فيهما ، إنّما هو تسبيح وتكبير وتهليل ودعاء ليس فيهما قراءة. إلى أن قال : ثمّ قال : فصلّى ركعتين ليس فيهما قراءة.
وبالجملة ؛ لا تأمّل فيما ذكرناه ، بل مرّ في مبحثه رواية صريحة في ذلك ، حيث قال ـ بعد الأمر بالتسبيح وغيره ـ : وإن شئت قرأت فاتحة الكتاب ؛ فإنّه تسبيح وتحميد ودعاء (١).
سلّمنا عدم ظهور النفي ، لكن ظهور النهي من أين؟ سيّما بحيث يوجب الوهن في دلالة باقي الرواية.
وأمّا ما ذكره من قوله : وكذلك الأمر بالتجافي (٢). إلى آخره.
ففيه ؛ أنّه لم يظهر بعد أنّ هؤلاء الأعاظم قائلون باستحباب جميع ما ذكره.
ومع ذلك ما ذكر من أنّ تضمّن الرواية ما هو ظاهر في الوجوب ومحمول على الاستحباب يمنع من الاستدلال بالأمر الآخر فيها على الوجوب ، فقد بيّنا فساده في موضعه (٣) ، وهو خلاف طريقة فقهائنا ، كما لا يخفى على المطّلع.
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٩٨ الحديث ٣٦٨ ، الاستبصار : ١ / ٣٢١ الحديث ١١٩٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٠٧ الحديث ٧٤٦٧ مع اختلاف يسير.
(٢) مدارك الأحكام : ٤ / ٣٨٣.
(٣) الفوائد الحائريّة : ١٥٨ ـ ١٦٠.