والشيخان حيث حملاه على ما فهماه أفتيا بالبناء في صورة التيمّم خاصّة ، دون ما إذا دخل فيها بالوضوء أو الغسل (١).
قال في «التهذيب» : ولا يلزم مثل ذلك في المتوضّئ إذا صلّى ثمّ أحدث أن يبني على ما مضى من صلاته ، لأنّ الشريعة منعت من ذلك ، وهو أنّه لا خلاف بين أصحابنا أنّ من أحدث في الصلاة ما يقطع صلاته يجب عليه استئنافها (٢) (٣) ، انتهى.
أقول : ما ذكره وإن كان محتملا ، صونا للخبر عن معارضة ما دلّ على بطلان الصلاة بالحدث الواقع في أثنائها (٤) ، إلّا أنّه ربّما يتحقّق بين صدر الرواية وذيلها مخالفة ، لأنّ المستفاد من الصدر حجّية الاستصحاب وجريانه في المقام ، كما فعله الأصحاب ، فإذا كان كذلك فكيف يقول : إذا صلّى ركعة يتوضّأ ويبني ، مع أنّه أيضا دخل في الصلاة ، وهو على طهور بتيمّم؟!
مع أنّ زرارة في غاية الفقاهة فكيف يسأل بعد ما مهّده المعصوم عليهالسلام من قاعدة الاستصحاب ، وجعله علّة لإتمام الصلاة في إصابة الماء بعد الركعتين؟
وكيف يقول : فما تقول في إصابة الماء بعد ركعة؟ وكيف لم يسأل عن الفرق بين الركعة والركعتين ، مع عدم الفرق أصلا في العلّة التي ذكرها؟
مع أنّ عادته السؤال عن الفارق جزما ، ويعضده أيضا فهم الأكثرين ، ومنهم الشيخان المؤسّسان لمذهب الشيعة الماهران فيما في أيديهما من الأخبار.
مع أنّه لم يقل أحد بمضمون هذه الصحيحة على ما ذكره ، وهو البناء بعد الوضوء مع فساد الطهارة الترابيّة ، سيّما مع الفرق بين الركعة وبين الركعتين ، والبناء
__________________
(١) المقنعة : ٦١ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٢٠٥ ذيل الحديث ٥٩٥.
(٢) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٠٥ ذيل الحديث ٥٩٥.
(٣) الوافي : ٤ / ٥٦٣ ذيل الحديث ٤٩٣٤.
(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٧ / ٢٣٣ الباب ١ من أبواب قواطع الصلاة.