أيضا (١) ، وعلى أيّ تقدير قولهما بالقنوتين لا تأمّل فيه.
ومستند ابن إدريس الأخبار السابقة في قنوت غير الجمعة (٢) ، بل ربّما يظهر من رواية أبي بصير (٣) ، أنّ اشتهار كون القنوت في خصوص الثانية قبل الركوع عند الشيعة ، كان بحيث لا يرضون خلافه في موضع من المواضع ، بأنّهم كانوا يشنّعون على أهل السنّة ، في جعلهم القنوت على خلاف ذلك ، ويعدّون خطأ وقبيحا ، فكيف كانوا يتحمّلون كون القنوت في الجمعة على خلاف ذلك؟ لأنّه يتحقّق حقّية مذهب العامّة عندهم ، أو عدم فساده.
ولأجل ذلك أجاب السائل عن موضع قنوت الجمعة ، بأنّه في الركعة الثانية. ولمّا كان السائل سمع عن بعض الأصحاب ، أنّه روى عنهم عليهمالسلام أنّه في الاولى ، سأل عن ذلك ، فأجاب عليهالسلام بأنّه في الثانية ، تأكيدا لحكمة الأوّل ، وردّا لما سأل عنه ، ولمّا رأى من الناس غفلة قال عليهالسلام ما قال.
فظهر أنّ هذا الاشتهار كان بحيث أثّر في مشايخه ، وفيه أيضا في «الفقيه» ما أثّر ، ثمّ أنّه بعد ما ظهر عليه بأنّه من جملة الاشتهارات التي لا أصل لها ، أو لم يكن من الواقعيّات ، بل من التي صارت بحسب المصالح التي أشرنا إلى بعضها ، رجع ووافق المشهور (٤) ، وظهر علينا أيضا كون المشهور أظهر على حسب ما ظهر.
وفي «المختلف» نسب إلى المفيد القول بكونه في الركعة الاولى خاصّة قبل الركوع ، واختاره واحتجّ عليه بأنّ الجمعة صلاة كغيرها ، فلا يتعدّد فيها
__________________
(١) نسب إليهم في منتهى المطلب : ٥ / ٤٦٣ ، لاحظ! المهذب : ١ / ١٠٣ ، المراسم : ٧٧ ، النهاية للشيخ الطوسي : ١٠٦ ، المبسوط : ١ / ١٥١.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٦ / ٢٦٦ الباب ٣ من أبواب القنوت.
(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٧ الحديث ٦٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٧٣ الحديث ٧٩٤٤.
(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٦٦ ذيل الحديث ١٢١٧.