ذكرناه في التقريب ، لا أنّ صلاة الاحتياط صلاة منفردة مستقلّة وأنّ المكلّف خرج عن صلاته ولم يشرع بعد في الصلاة الاخرى ، كما هو حاله في فراغه عن الظهر وعدم اشتغاله بالعصر مثلا.
وبالجملة ؛ إن ظهر منه حرمة ، ظهر البتّة كونها من حرمة الصلاة بلا خفاء.
مع أنّ مقتضى ما ذكره ابن إدريس (١) عدم حرمة أصلا ، كما هو شأن الصلاة المنفردة.
وحمل كلامه على كونها منفردة من جهة وغير منفردة من جهة ، فيه ما فيه ، لاقتضاء كونه من تتمّة الصلاة من مراعاة الجزئيّة مهما تتيسّر ، كما اختاره القوم.
فإن قلت : لعلّ الاحتياط صلاة منفردة من جميع الوجوه ، إلّا أنّه نقول بحرمة فعل المنافي بينهما من جهة خصوص الإجماع ، ولولاه لكنّا نقول بعدم الحرمة أيضا.
قلنا : هذا أيضا فيه ما فيه ، إذ لم يدّع أحد الإجماع ، بل الوفاق على تحريم فعل المنافي بينهما حتّى يقال : دليل ذلك الإجماع ، أو عدم دعوى الإجماع على تحريم فعل المنافي تعبّدا ، من غير مدخليّة البطلان أصلا ، مع كون معنى المنافي المنافي لتحقّق الصلاة ، وصحّتها ـ كما لا يخفى ـ من القطعيّات.
مع أنّه لو ادّعى مدّع ذلك فلا عبرة به ، لأنّ الفقهاء غير ابن إدريس حكموا بالمنع ، لكون الاحتياط معرضا لتماميّة الصلاة ، كما هو صريح أدلّتهم ومتمسّكهم ، بل فتاواهم أيضا في غاية الوضوح في ذلك ، ولذا نسب الخلاف إلى خصوص ابن إدريس (٢).
__________________
(١) السرائر : ١ / ٢٥٦.
(٢) راجع! الصفحة : ٢٤٩ و ٢٥٠ من هذا الكتاب.