والاستدلال بهذه الصحيحة لم يكن إلّا على وجوب التقديم المذكور ، لم يكن المطلوب في المقام إلّا ذلك.
نعم ؛ ما ذكر يضرّ السيّد وابن إدريس ومن وافقهما في القول بوجوب الفور في القضاء (١) ، وأنّ تقديم الفائتة على الحاضرة ليس إلّا من جهة الفور المذكور ، ولا وجه له سواه.
وأمّا من حكم بوجوب التقديم المذكور من حيث هو هو ، مع قطع النظر عن حكاية الفوريّة فلا يضرّه ذلك ، والمذكور في كلام الفاضلين وغيرهما هو التقديم والترتيب (٢) ، وأنّه هل هو على الوجوب أو لا؟
بل في «التذكرة» : إنّ أكثر علمائنا على وجوب الترتيب ، ثمّ قال : وجماعة من علمائنا ضيّقوا الأمر في ذلك ، وشدّدوا على المكلّف غاية التشديد ، حتّى حرّم السيّد وآخرون الاشتغال بغير الفائتة إلّا قدر الأمر الضروري (٣) .. إلى أن قال : وكلّ ذلك مكابرة ، لمنافاته لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «بعثت بالحنيفيّة السهلة» (٤) ، انتهى (٥).
ويظهر على المتأمّل في هذا الكلام : أنّ كل من قال بوجوب الترتيب لم يقل بالفوريّة والضيق ، كما أنّ كل من قال بالفور والضيق لم يحرّم الاشتغال بغير الفائتة إلّا الضروري.
هذا ؛ مع أنّه ظهر في علم الاصول أنّ علماءنا هؤلاء ، مذهبهم : إنّ الأمر
__________________
(١) رسائل الشريف المرتضى : ٢ / ٣٦٤ ، السرائر : ١ / ٢٧٢.
(٢) المعتبر : ٢ / ٤٠٥ و ٤٠٦ ، المختصر النافع : ٤٦ ، قواعد الأحكام : ١ / ٤٤ ، نهاية الإحكام : ١ / ٣٢٢ ، تحرير الأحكام : ٥٠ ، مختلف الشيعة : ٣ / ١٢.
(٣) رسائل الشريف المرتضى : ٢ / ٣٦٥ ، الكافي في الفقه : ١٥٠ ، المهذّب : ١ / ١٢٥.
(٤) عوالي اللآلي : ١ / ٣٨١ الحديث ٣ مع اختلاف يسير.
(٥) تذكرة الفقهاء : ٢ / ٣٥٤ و ٣٥٥ المسألة ٦٠ مع اختلاف يسير.