ان مصير أهل المدينة الفاضلة بعد الموت الخلاص والسعادة. ان أبدانهم تبطل ولكن نفوسهم تخلص وتسعد وتتصل فيما بينها وتتلاقى وتلتذ على جهة اتصال معقول لمعقول ، وبذلك تزداد سعادتها على مر الأجيال والأزمان.
عدا المدينة الفاضلة يوجد أربعة أنواع من المدن المضادة لها هي الجاهلة والفاسقة والمتبدلة والضالة.
«فالمدينة الجاهلة هي التي لم يعرف أهلها السعادة ولا خطرت لهم ، وان أرشدوا اليها لم يفهموها». ومن هنا اشتق اسمها أي من الجهل بالسعادة ، وقد ظنوا السعادة قائمة بأشياء وهمية مثل الغنى واللذات والحرية والكرامة. ومن ثم كانت أصناف المدينة الجاهلة ستة حسب الغاية التي اعتمدوها في حياتهم. فهناك المدينة الجاهلة الضرورية التي اقتصر أهلها على الضروري من المأكول والملبوس والمشروب والمسكون والمنكوح.
وهناك المدينة الجاهلة البدالة التي جعل أهلها غايتهم جمع الثروة.
وهناك المدينة الجاهلة الخسيسة أو الساقطة التي اعتقد أهلها السعادة في اللذة واللهو.
وثمة المدينة الجاهلة الكرامية التي قصد أهلها الى العظمة والشهرة والكرامة.
وثمة المدينة الجاهلة المتغلبة التي اتجه أهلها الى التغلب على سواهم وقهر سائر المدن وإخضاعها لسلطتهم.
وأخيرا هناك المدينة الجاهلة الجماعية التي أولع أهلها بالحرية فهاموا بها واعتبروها منتهى خيرهم.
والنوع الثاني من المدن المضادة يدعى المدينة الفاسقة. وهي المدينة التي يعرف أهلها ما يعرفه أهل المدينة الفاضلة ، ولكن أفعالهم هي أفعال أهل المدينة الجاهلة.