عليهالسلام قد أعدها للكرة على جنود الشام قبيل وفاته ـ وكانت تعد اربعين الف مقاتل ـ قد انفرط عقدها وتمرد أكثرها ، وتثاقل معها اكثر حملة السلاح في الكوفة عن الانصياع للامر.
وكان المذبذبون من رؤساء الكوفة ، أشدهم نشاطاً في اللحظة الدقيقة التي أزفت فيها ساعة الجدّ.
قالت النصوص التاريخية فيما ترفعه الى الحارث الهمداني كشاهد عيان : « وركب معه ـ أي مع الحسن ـ من أراد الخروج وتخلّف عنه خلق كثير لم يفوا بما قالوا وبما وعدوا ، وغرّوه كما غرّوا أمير المؤمنين من قبله .. وعسكر في النخيلة عشرة أيام فلم يحضره الا أربعة آلاف. فرجع الى الكوفة ، ليستنفر الناس ، وخطب خطبته التي يقول فيها : قد غررتموني كما غررتم من كان قبلي .. (١) ».
أقول : ثم لا ندري على التحقيق عدد من انضوى اليه ـ بعد ذلك ـ ولكنا علمنا أنه « سار من الكوفة في عسكر عظيم » على حد تعبير ابن ابي الحديد في شرح النهج.
وسنأتي في فصل « عدد الجيش » على غربلة أقوال المؤرخين لاختيار القول الفصل في عدد جنود الحسن عليهالسلام.
وغادر النخيلة وبلغ « دير عبد الرحمن » فاقام ثلاثاً ، والتحق به عند هذا الموضع مجاهدون آخرون لا نعلم عددهم.
وكان دير عبد الرحمن هذا مفرق الطريق بين معسكري الامام في المدائن (٢).
__________________
١ ـ الخرايج والجرايح ( ص ٢٢٨ ـ طبع ايران ).
٢ ـ وهي العاصمة الساسانية التي بلغت من العمر الف سنة. وكانت وريثة بابل في عظمتها ولم يبق من آثارها اليوم الا طاق كسرى ، ومرقد الصحابي العظيم ( سلمان الفارسي ) رضي اللّه تعالى عنه. وكانت سبع مدن متقاربة تتقابل على ضفاف دجلة. فتحها المسلمون سنة ١٥ هجري