فارس معرض الانتفاضات الخطرة على الدولة. وكان عليها من قبل الامام « زياد بن عبيد » ولما يطبع ـ بعدُ ـ على صفحته المقلوبة التي غيّرت منه كل شيء.
واما « مسكِن » فقد كانت النقطة الحساسة في تاريخ جهاد الحسن (ع) لانها الميدان الذي قدّر له ان يقابل العدوّ وجهاً لوجه. وهي اذ ذاك أقصى الحدود الشمالية للعراق الهاشمي ، أو المناطق الخاضعة لحكومة الكوفة من هذه الجهة. وكان في اراضي مسكن مواطن معمورة بالمزارع والسكان وقرى كثيرة مشهورة ـ منها « أوانا » و « عكبرا » ومنها « العلث » وهي آخر (١) قراها الشمالية ، وكان بازائها قرية « الجنوبية » وهي التي انحدر اليها معاوية بجيوشه منذ غادر « جسر منبج ». والتقى عندها الجمعان.
والمفهوم ان موقع مسكن اليوم لا يعدو هذه السهول الواسعة الواقعة بين قرية « سميكة » وقرية « بلد » دون سامراء.
ولمسكن طبيعتها الغنية بخيراتها الكثيرة ومشارعها القريبة وسهولها الواسعة ، فكانت ـ على هذا ـ الموقع المفضّل للنزال والحروب ، وكانت لاول مرة في تاريخها ميدان الحسن ومعاوية في زحفهما هذا ، ثم تبودلت فيها بعد ذلك وقائع كثيرة بين العراق والشام.
ورأى الحسن عليهالسلام أن يتخذ من المدائن ـ بما لموقعها من الاهمية العسكرية ـ مقراً لقيادته العليا. ليستقبل عندها نجدات جيوشه من الاقطار الثلاث القريبة منه ، ثم ليكون من وراء ميدانه الذي ينازل به معاوية وأهل الشام في « مَسكِن ». وليس بين المعسكرين الهاشميين في ـ المدائن ومسكن ـ أكثر من خسمة عشر فرسخاً.
__________________
١ ـ قال الماوردي في الاحكام السلطانية ـ على رواية الحموي ـ : « والعلث هو أول العراق من هذه الجهة ». أقول : ويقع العلث بين عكبرا وسامراء. وعكبرا قرية من نواحي دجيل قرب « أوانا ».