١ ـ قال في البحار ( ج ١٠ ص ١١٠ ) :
« ثم وجه ( يعني الحسن ) اليه ( يعني الى معاوية ) قائداً في اربعة آلاف ، وكان من كندة ، وأمره أن يعسكر بالانبار (١) ، ولا يحدث شيئاً حتى يأتيه أمره. فلما توجه الى الانبار ، ونزل بها ، وعلم معاوية بذلك ، بعث اليه رسلاً ، وكتب اليه معهم : انك ان أقبلت اليَّ ، اُولّيك بعض كور الشام والجزيرة ، غير منفس عليك. وأرسل اليه بخمسمائة الف درهم. فقبض الكندي المال ، وقلب على الحسن ، وصار الى معاوية في مائتي رجل من خاصته وأهل بيته. فبلغ ذلك الحسن فقام خطيباً وقال : هذا الكندي توجه الى معاوية ، وغدر بي وبكم ، وقد أخبرتكم مرة بعد مرة ، انه لا وفاء لكم ، أنتم عبيد الدنيا ، وأنا موجّه رجلاً آخر مكانه ، واني أعلم انه سيفعل بي وبكم ، ما فعل صاحبكم ، ولا يراقب اللّه فيّ ولا فيكم. فبعث اليه رجلاً من مراد في أربعة آلاف. وتقدم اليه بمشهد من الناس وتوكد عليه ، وأخبره أنه سيغدر كما غدر الكندي. فحلف له بالايمان التي لا تقوم لها الجبال انه لا يفعل. فقال الحسن : انه سيغدر. فلما توجه الى الأنبار ، ارسل اليه معاوية رسلاً وكتب اليه بمثل ما كتب الى صاحبه وبعث اليه بخمسة آلاف ( ولعله يريد خمسمائة الف ) درهم ، ومنّاه أيّ ولاية أحب من كور الشام والجزيرة ، فقلب على الحسن ، وأخذ طريقه الى معاوية ، ولم يحفظ ما اخذ عليه من عهود .. ».
ثم ذكر بعد هذا العرض ، اتخاذ الحسن النخيلة معسكراً له ، ثم خروجه اليها.
__________________
١ ـ مدينة كانت على الفرات ( غربي بغداد ) تبعد عنها عشرة فراسخ سميت بذلك لانها كانت تجمع بها انابير الحنطة والشعير منذ أيام الفرس ، وأقام بها أبو العباس السفاح العباسي الى أن مات ، وجدد بها قصوراً وأبنية ، ثم اندثرت عمارتها.