ما روي في الموضوع ، وان لهذه الرواية من التناسق في حوادثها المتكرّرة ما يفرض الشك بها فرضاً.
وهي تغفل عند عرضها الحوادث المتشابهة تسمية كل من القائدين ـ الكندي والمرادي ـ اللذين تفرض أنهما سبقا عبيد اللّه بن عباس الى لقاء معاوية وسبقاه الى الخيانة ايضاً. ولا يعهد في تاريخ قضية من هذا الوزن ، اغفال تسمية قائدين في حادثتين من أبشع حوادث الانسان في التاريخ.
ولعل الاغرب من ذلك ، ان رواية البحار هذه تشير الى اصرار الامام على اتهام القائدين قبل بعثهما ، ثم تصرّ على ان الامام بعثهما ـ مع ذلك ـ الى لقاء معاوية عالماً بما سيصيران اليه من غدر!!.
وبعض هذا يكفينا عن الاستمرار في نقاش هذه الرواية التي يجب أن نتركها لتعلن هي عن نفسها.
اقول :
ولم نحصل ـ بعد هذا كله ـ على محصل في الموضوع الذي أردناه تحت عنوان « عدد الجيش » ولتكن هذه النصوص ـ على كثرتها ـ أحد أمثلتنا التي نقدّمها للقارئ عما نكبت به قضية الحسن في التاريخ ، من اختلاف كثير واختلاق صريح ، ولا بدع في تقرير هذه الحقيقة وتكرارها وتعظيم خطرها وانكارها والتنبيه الى تبعاتها. فهذه ثمانية نصوص ، ليس فيها ما يصبر على النقاش ، ولا ما يصح الاعتماد عليه كسند تاريخي.
ولم يبق لدينا الا عدد جيش المقدمة ، وهو اثنا عشر الفاً ، وعدد المتطوعين بعد ذلك في الكوفة ، وهو اربعة آلاف ، ثم الفصائل التي تواردت على الحسن في دير عبد الرحمن حين اقام بأزائه ثلاثاً ـ كما اشير اليه آنفاً ـ فهذه قرابة عشرين الفاً ، هي جيش الحسن عند زحفه الى معسكريه في مسكن والمدائن.
اما مقاتلة المدائن نفسها ، فقد عرفنا انها لم تتخلف ـ فيما سبق ـ عن