واستطرد التاريخ بين صفحاته أسطراً قاتمة دامية. بما انقاد اليه الاغرار المفتونون من هذه « العناصر » ، وبما صبغوا به ميدان الجهاد المقدس ـ بعد ذلك ـ من اساليب الغدر ، والخلاف ، ونقض العهود ، والمؤامرات ، ونسيان الدين ، وخفر الذمام ... حتى قد عادت بقية آثار النبوة ـ متمثلة بالطيبين من آل محمد وبنيه عليهمالسلام ـ نهباً صيح في حجراتها. ولعلنا سنأتي على استطراد صورة من هذه المآسي في محلها المناسب لذكرها من الكتاب.
تتميم :
وبقي علينا ان نستمع هنا الى ما يدور في خلد كثير من الناس حين يدرسون هذا العرض المؤسف لعناصر جيش الحسن عليهالسلام ، فيسألون : لماذا فسح الحسن مجاله لهذه العناصر؟ ولماذا تأخر بعد ذلك عن تصفية جيشه بسبيل من هذه السبل التي يفزع اليها رؤساء الجيوش في تصفية جيوشهم بقطع العضو الفاسد ، أو بادانته ، أو باقصائه على الاقل؟.
ونحن من هذه النقطة بازاء قلب المشكلة وصميمها على الاكثر.
ونقول في الجواب على هذا السؤال :
اولاً :
ان الاسلام كما الغى الطبقات فيما شرعه من شؤون الاجتماع ، الغاها في الجهاد ايضاً ، فكان على اولياء الامور أن لا يفرقوا في قبولهم الجنود بين سائر طبقات المسلمين ، ما دام المتطوع للجندية مدّعياً للاسلام وقادراً على حمل السلاح. ولما لم يكن أحد من هؤلاء « الاخلاط » الذين التحقوا بالحسن ، الا مدّعياً للاسلام وقادراً على حمل السلاح ، فلا مندوحة للامام ـ بالنظر الى صميم التشريع الاسلامي ـ عن قبوله.