بالقتل ، أو بالافصاء ، أو بالادانة ، كان في مثل ظروف الحسن تعجلاً للنكبة قبل أوانها ـ كما ألمحنا اليه في غمار الفصل الرابع ـ وسبباً مباشراً لاثارة الشقاق واعلان الخلاف ورفع راية العصيان في نصف جيشه على أقل تقدير ومعنى ذلك القصد الى اشعال نار الثورة في صميم الجيش. ومعنى هذا ان ينقلب الجهاد المقدس الى حرب داخلية شعواء ، هي أقصى ما كان يتمناه معاوية في موقفه من الحسن وأصحابه ، وهي أقصى ما يحذره الحسن في موقفه من معاوية وأحابيله.
وشيء آخر :
هو أن الحسن عليهالسلام ، لم يكن له من عهده القصير الذي احتوشته فيه النكبات بشتى ألوانها ، مجال للعمل على استصلاح هذه الالوان من الناس ، وجمعهم على رأي واحد. بل ان ذلك لم يكن ـ في وقته ـ من مقدور أحد الا اللّه عزّ وجل ، ذلك لان الصلاح في الاخلاق ليس مما يمكن تزريقه في الزمن القليل ، وانما هو تهذيب الدين وصقال الدهر الطويل ، ولان التيارات المعاكسة التي طلعت على ذلك الجيل بأنواع المغريات ، حالت دون امكان الاصلاح وجمع الاهواء ، الا من طريق المطامع نفسها ، وكان معنى ذلك معالجة الداء بالداء ، وكان من دون هذه الاساليب في عرف الحسن حاجز من أمر اللّه.