لحب العافية من قوم وللعصبيات الجاهلية من اخرين وللاهواء والمنازع وأصحابها الاثر المستبين فيما آل اليه الموقف من نتائج واضرار.
وفضحت المطامع أولئك الذين لم يلتحقوا بهذا الجيش الا طمعا بالغنائم ، وسرهم أن يتلقفوا الغنائم من طريق الخيانة في سهولة ويسر ، وكانوا يظنون انهم لن ينالوها الا بعد أن تزيغ قلوبهم هلعا ، من قراع الاسنة وألضرب الدراك.
ونزلوا عن هذا الطريق الى الدرك الاسفل من حظوظهم التي تخيروها لانفسهم مغرورين. « فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن اوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما ».
وما كان المسلم الذي يترك امامه ليلتجيء الى البغاة الا شرا من باغ ، واولئك هم المستضعفون في دينهم ، والقلقون في دنياهم ، وان صفوف معاوية لاولى بالمستضعفين القلقين.
ومازت النكبة الذين جثموا في مواقعهم ، وثبتو على مبدأ المقاومة لا يلتسمون محيدا عنه ، وصمدوا ولكنهم انما صمدوا للموت المحقق (١) ، ينتظرونه فرحين مطمئنين ، دفاعا عن ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ، ووفاءً لله ببيعتهم.
وكان الصمود للنكبات ، والصبر على الكوارث ، والاستعداد لتحمل الآلام وبذل التضحيات ، أنبل دليل على طيب المعدن ، وصدق النية ، وصلابة العود ، والجدارة بالحياة. وهذه هي نعوت شيعة الحسن الاوفياء.
ثم كان لانباء هذه النكبات المروعة في مسكن ، وقعها السيء الذي يناسب خطورتها ، في أوساط الجيش الاخرالذي كان يعسكر في ( المدائن ).
__________________
١ ـ قال ابن كثير ( ج ٨ ص ١٩ ) : « قال أبو العريف : كنا في مقدمة الحسن بن علي بمسكن ، مستميتين من الجد على قتال أهل الشام .. ».