المناسبات ، كأكثر ما يروى حديث في مناسبة حتى أصبح كأنه كلمة واحدة لا يفهم الناس منها الا حسنا وحسينا ، دون ما تنبه الى الاستفهام.
ترى ، فهل فهم الناس منه ، يوم صدر من مصدر بلاغته الاول ، ما أراد به ذلك البليغ العظيم (ص)؟
نعم انه أراد أن يلمح ـ اذ يبارك على ابنيه بهذا اللقب ـ الى أن الوطن العاق الذي ينبت الخيانة والغدر ، كهذه الدنيا ، والناس القلقين الذين مرنوا على النفاق ونقض المواثيق ، كشباب ذلك العصر ، لا يستحقان الاستظلال بسيادة هذين السيدين ، ولا يناسبانها. فهما اذاً ، سيدا الشباب ، ولكن من ذلك النوع المختار الذي وفي لله في عهده ، وفي الوطن المختار الذي نزع الله فيه الغلّ من صدور ساكنيه ، وجعلهم فيه اخواناً على سرر متقابلين.
سيدا شباب أهل الجنة وكفى.
وعلى اسلوب أقرب الى التوضيح : انهما اذا عقّت الدنيا وعقّ شباب هذه الدنيا حقهما ، وبغيا عليهما ، وأنكرا سيادتهما ، وأبقا منهما ، فلا بد لسيادتهما أن تسود ، ولكن في دنيا خير من هذه الدنيا ، وفي ناسٍ خير من هؤلاء الناس.
ولتبؤ هذه الدنيا بحرمانها من بركتهما وفضلهما وتوجيههما.
وليبؤ شبابها الخائن الغادر، بالعار والندامة ، وخزي التاريخ وعذاب القيامة.
والحديث ـ على هذا المفهوم ـ ملحمة نبوية ، تقرأ الغيب من وراء الغيب ، وتشير ـ باجمال الملاحم ـ الى ما سيلاقيه سيدا شباب أهل الجنة من شباب أهل الدنيا ، وتفرض لكل من السيدين عليهماالسلام نصيبهما رابحاً غير خاسر.
وما من شك ، بأن من كان سيد الجنة أو سيد شبابها ، فانه سيد الناس وسيد الدنيا بأسرها.