صلى الله عليه واله ، فيعمد الى ارضاء الطامعين ، واصطناع الموازرين وارشاء القلقين. وفي جباية امبراطوريته المترامية يومئذ ، ما يتسع لشتي المطامع التي يتطامن لسحرها زعماء ذلك الجيل و « أبناء بيوتاته النفعيون » فاذا المنافقون كلهم مؤمنون طيّبون ، واذا الخونة كلهم أمناء مخلصون واذا القلقون رعية خاضعون ، واذا الناس كلهم مزيّفون وهم لا يشعرون!!.
ولرأيت عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وزياد ابن ابيه ورجال مدرستهم ، يلوذون ببلاط الحسن في الكوفة ، كما يلوذ به اليوم حجر بن عدّي وقيس بن سعد وعدّي بن حاتم ، أو كما يلوذون هم ببلاط معاوية هناك ، وما كانوا ليصطدموا من شمائل الحسن ـ اذ يلوذون به ـ بما يصدمهم من عناصر الفشل في معاوية وتاريخه ومواريثه وارتجالياته.
ولنجحت قضية الحسن ، على الشكل الذي لا يغرينا بأن نكتب عنها أو نخوض فيها ، أو نضحي لها وقتا ..
ولرأيت هذا الشعب الكوفي اللئيم ـ الذي واكب عهد الحسن في التاريخ ـ ولاءً وطمانينةً واستقرارا ، ما دامت خزائنه معرضة لشراء الضمائر وولاياته مفوّضة لاستجابة نهم الاكابر ، وما دامت سياسة دولته تداري ما حولها من الاهواء النفسية ، والاغراض الحزبية ، والاطماع الدنيوية ، اللهم الا ما ينبهنا اليه استقراء نفسيات الاقلية المتزّمته من « شيعة أبيه » الذين برهنوا في ثباتهم مع الحسن العازف عن الدنيا ، ومع أبيه الذي طلّق الدنيا ثلاثا ، على أنهم كانوا وراء حقائق لا وراء مطامع.
ولكن الذي كان يؤمل أن يخفف الضغط من ناحية هؤلاء أن بنوّة الحسن ـ التي لن تفارقه ـ من رسول الله (ص) ، ستكون هي شفيعه المقبول الشفاعة ، لدى هذه الزمرة من المؤمنين غير المزيفين.
وما ظنك بعد هذا؟ فهل ترى أنه كان من مستطاع معاوية أن يقاوم « هذا الحسن » أو ينتصر عليه؟ وأيهما ـ على هذا ـ كان أولى بالضعف ، وأيهما كان اولى بالقوة ، الحسن أم معاوية؟