وللأموية والهاشمية تاريخهما الذي يصعد بهما حتى يلتقيا وينزل معهما كلما نزل الزمان.
وكان من طبيعة « ردّ الفعل » في النفوس التي شبت مع العنعنات القبلية جاهليةً واسلاماً ، والتي قبلت الاسلام مرغمة يوم الفتح ، ثم لم تهضم الاسلام ـ كما يريده الاسلام ـ أن تكون دائماً عند ذحولها من الضغائن الموروثة ، والترات القديمة العميقة الجروح.
وكان معاوية ـ بعد الفتح ـ وعلى عهد النبوة الطالعة بالنور ، الطليق « الحافي القدمين » كما يحدثنا هو عن نفسه. امّا في الدور الذي تململ معه النفوذ الاموي ليسترجع مكانته في المجتمع ، وعلى عهد السياسة الجديدة التي رشحت للشورى عضواً أموياً عتيداً ، فلِمَ لا يكون ابن عم عثمان والي الشام القوي المرهوب ، الذي يصطنع الاعوان والمؤيدين ، ويسترضي الاتباع والاجناد والمشاورين ، ويتخذ القصور والستور والبوابين ، وفي ثروة ولايته ما يسع كل صاحب طمع أو بائع ضمير أو لاحسن قصعة!!.
ولئن كان معاوية في دور النبوة الرعية المخذول العاجز عن الانتصاف لنفسه ولقبيله من القوة التي غلبت على أمره وأمر قبيله ، فَلِمَ لا يحاسب تلك القوة حسابها العسير في الدور الذي ملك فيه مقاليد القوة بنفسه أو بقبيله ، ولِمَ لا يعود الى طبيعته فيتحسس بذحوله القديمة من الابناء والاخوة والاصحاب ، ويأخذ بثاره من المبادئ والاهداف؟. ولذلك فقد كان من المنتظر المرقوب لمعاوية ، أن يشنّ غاراته المسلحة على عليّ والحسن عليهماالسلام في أول فرصة تمكنه من ذلك ، وأن يشن معهما حروبه ( الباردة ) الاخرى ، التي كانت أطول الحربين أمداً ، وأبعدهما حراً ، وأفظعهما نكالاً في الاسلام.
ويستدل من كثير كثير من الاعمال الدبلوماسية التي قام بها معاوية في عهده الطويل الامد ، أنه كان قد قرر التوفر على حملة واسعة النطاق لتحطيم المبادئ العلوية ، أو قل لتحطيم جوهرية الاسلام متمثلة في دعوة