« الخليفة الشرعي في المسلمين (١) ».
وكان الحلم اللذيذ الذي استرخص في سبيله كل غال ، وخفي عليه أن الاسلام أعز جانباً من أن يهضم الاساليب الهوج ، أو يعطي اقليده للطلقاء وأبناء الطلقاء.
هذا ، ولا ننكر ان يكون لمعاوية بواعث أخرى جعلت منه انساناً آخر ينكر الحرب ويمد يده الى الصلح ويوقع الشروط ويحلف الايمان ويؤكد المواثيق. ولكنا ـ اذ نتحرى بواعثه الاخرى ـ لا نزول عن الاعتقاد بأن الحلم اللذيذ الذي ذكرنا ، كان أكبر دوافعه وأشد بواعثه.
وفيما يلي قائمة مناسبات ، تصلح لان تكون بعض دوافعه الى الصلح :
١ ـ انه كان يرى أن الحسن بن علي عليهماالسلام ، هو صاحب الحق في الامر ، ولا سبيل الى اقتناص « الامر » الا من طريق اسكات الحسن ـ ولو ظاهراً ـ ، ولا سبيل الى اسكاته الا بالصلح.
اما رأيه بأولوية الحسن بالامر ، فقد جاء صريحاً في كتاب اليه قبيل زحفهما للصراع في مَسكِن ، بقوله له : « انك أولى بهذا الامر وأحق به ». وجاء صريحاً فيما قاله لابنه يزيد على ذكر أهل
__________________
١ ـ وللحسن البصري كلمته الذهبية في هذا الموضوع [ انتظرها فيما تقرأه عن « معاوية والخلافة » في الفصل ١٧ ]. وأخرج أحمد في مسنده وأبو يعلى والترمذي وابن حيان وأبو داود والحاكم قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الخلافة بعدي ثلاثون ثم ملك بعد ذلك » وبلفظ ابي نعيم في الفتن والبيهقي في الدلائل وغيرهما : « ثم تكون ملكاً عضوضاً ». والحديث عند جماعة أهل السنة صحيح على شرطهم ، وقال قائلهم فيما علق عليه : « انتهت الثلاثون سنة بعده صلى اللّه عليه ( وآله ) وسلم بخلافة الحسن بن علي عليهماالسلام » ، وأخرج أبو سعيد عن عبد الرحمن بن أبزي عن عمر أنه قال : « هذا الامر في أهل بدر ما بقي منهم أحد ، ثم في أهل احد ما بقي منهم أحد ، وفي كذا وكذا ، وليس فيها لطليق ولا لولد طليق ولا لمسلمة الفتح شيء ».
أقول : أما بيعته التي أخذها على الناس بأساليبها المعروفة ، فلن تجعل غير الجائز جائزاً.