الناس هنا وهناك. وهي الاشهر التي ختمت أعمالها بأفضل خواتيم الاعمال في الاصلاح ، ووصلت بخاتمتها الفضلى مصلحة الدنيا بمصلحة السماء.
واذا بالحسن بن علي ، هو ذلك المصلح الاكبر ، الذي بشّر به جده رسول اللّه صلىاللهعليهوآله في الحديث الذي سبق ذكره : « ان ابني هذا سيد وسيصلح اللّه به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ».
وان اللّه سبحانه عوّد أهل هذا البيت أن يحفظ لهم الشرف في أعلى مراتبه وفي مختلف ميادينه ، فان لم يكن بالانتصار بالسلاح ، فليكن بالشهادة الكريمة في اللّه وفي التاريخ. وان لم يكن بهذا ولا ذاك فليكن بالاصلاح وجمع الكلمة وتوحيد أهل التوحيد. وكفى بالاصلاح شرفاً وكفى ببقاء الشرف انتصاراً. وبقاء الشرف ضمان لبقاء العزة. والعزة حافز دائب يدفع الى الحياة ويقوم على السيادة.
ومن السهل ان نفهم دوافع الحسن الى الصلح مما ذكرنا.
أما دوافع معاوية التي اندلف بها من جانبه الى طلب الصلح ، فقد كانت من نوع آخر لا يرجع في جوهره الى العجز عن القتال ، ولا ينظر في واقعه الى وجهة نظر دين أو اصلاح أو حقن دماء ، فلا الاصلاح ولا حقن الدماء بالذي يعنى به معاوية فينزل له عن مطامعه في الفتح. وفي غاراته على المدينة ومكة واليمن ، ومواقفه الجريئة بصفين ، ما يزيدنا بصيرةً في معرفة الرجل وان قلّ عارفوه.
اذاً ، فليكن طموحاً نفعياً خالصاً ، هو الاشبه بتاريخ معاوية الذي جاء تاريخه أشبه باسطورة.
انه خُيّل اليه بأن تنازل الحسن له عن الحكم ، سيكون معناه في الرأي العام ، تنازله عن « الخلافة ». وظن أنه سيصبح ـ على هذا ـ