الوحي ، صلىاللهعليهوآلهوسلم. أما بعد ، فواللّه اني لارجو أن اكون قد اصبحت بحمد الله ومنّه ، وأنا انصح خلق اللّه لخلقه ، وما أصبحت محتملاً على مسلم ضغينة ، ولا مريداً له سوءاً ولا غائلة. ألا وانَّ ما تكرهون في الجماعة ، خير لكم مما تحبون في الفرقة ، الا واني ناظر لكم خيراً من نظركم لانفسكم ، فلا تخالفوا أمري ، ولا تردّوا عليَّ رأيي. غفر اللّه لي ولكم ، وأرشدني واياكم لما فيه المحبة والرضا (١) ».
ثم قال : « أيها الناس ، ان اللّه هداكم بأولنا ، وحقن دماءكم بآخرنا ، وان لهذا الامر مدة ، والدنيا دول. قال اللّه عزّ وجل لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم : قل ان ادري أقريب ام بعيد ما توعدون. انه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون. وان أدري لعله فتنة لكم ومتاع الى حين (٢) ».
ثم قال : « .. وان معاوية زعم لكم أني رأيته للخلافة أهلاً ، ولم أرَ نفسي لها أهلاً ، فكذب معاوية. نحن أولى الناس بالناس في كتاب اللّه عزّ وجل وعلى لسان نبيه. ولم نزل ـ أهل البيت ـ مظلومين منذ قبض اللّه نبيه. فاللّه بيننا وبين من ظلمنا ، وتوثب على رقابنا ، وحمل الناس علينا ، ومنعنا سهمنا من الفيء ، ومنع أمَّنا ما جعل لها رسول اللّه. واقسم باللّه لو أن الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله ، لاعطتهم السماء قطرها والارض بركتها ، ولما طمعت فيها يا معاوية .. فلما خرجت من معدنها ، تنازعتها قريش بينها ، فطمع فيها الطلقاء وأبناء الطلقاء ، أنت وأصحابك. وقد قال رسول اللّه : ما ولّت أمة أمرها رجلاً وفيهم من هو أعلم منه ، الا لم يزل أمرهم يذهب سفالاً ، حتى يرجعوا الى ما تركوا. فقد ترك بنو
__________________
١ ـ الارشاد للشيخ المفيد ( ص ١٦٩ ـ طبع ايران ).
٢ ـ المسعودي ( هامش ابن الاثير ج ٦ ص ٦١ ـ ٦٢ ) ، وابن كثير ( ج ٨ ص ١٨ ) ، والطبري ( ج ٦ ص٩٣ ).