السماوية كلها على أن العهد كان مسؤولاً ...
ولعل من الافضل أن نستمع هنا الى ما عهد به أمير المؤمنين علي عليهالسلام للاشتر النخعي في هذا الموضوع ، قال :
« وان عقدت بينك وبين عدوك عقدة ، او البسته منك ذمةً فحط عهدك بالوفاء ، وارع ذمتك بالامانة ، واجعل نفسك جُنّة دون ما أعطيت. فانه ليس من فرائض اللّه شيء الناس أشد عليه اجتماعاً مع تفرق أهوائهم وتشتت آرائهم ، من تعظيم الوفاء بالعهود. وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين ، لما استوبلوا من عواقب الغدر ، فلا تغدرنّ بذمتك ولا تخيسنَّ بعهدك ولا تختِلَنَّ عدوَّك ، فانه لا يجترئ على اللّه الا جاهل شقي. وقد جعل اللّه عهده وذمته أمناً أفضاه بين العباد برحمته ، وحريماً يسكنون الى منعته ويستفيضون الى جواره ... ».
أقول : واذا رجعنا بعد الالمام بهذه الحقائق الى موضوعنا ، رأينا أن الشروط التي أخذها الحسن بن علي (ع) على معاوية فيما تم بينهما من التعاهد على الصلح ، كانت أكثر شروط عرفها التاريخ عهوداً مؤكدةً وأيماناً مغلَّظة ، وكان معاوية هو الذي كتب نسختها الاخيرة بقلمه ووقعها بخاتمه.
ولم يكن بدعاً أن يترقب الرأي العام الاسلامي ، يومها ، الوفاء بها كما يجب لمثل هذه العهود والايمان ، وكما هو الانسب بشخصيتين من هذا الطراز في الاسلام.
اما تلك المفاجأة الغريبة التي سبق اليها معاوية في خطابه على منبر الكوفة ، ولما يمض على امضائه المعاهدة الا أيام ربما كانت لا تزيد على أسبوع واحد ، فقد وقعت في المجتمع الاسلامي وقوع الصاعقة التي لا يسبقها انذار. فقال ( على رواية المدائني ) كما اشير اليه آنفاً : « وكل شرط شرطته فتحت قدميّ هاتين! » ، وصرَّح ( على رواية أبي اسحق السبيعي ) بقوله : « ألا ان كل شيء أعطيته للحسن بن علي تحت قدمي