في منطق العقلاء ، ظفر لامع وفتح مبين.
وكان من أبرز الخطوات التي وفقت اليها خطة الحسن عليهالسلام عن طريق الصلح ، في سبيل التشهير بمعاوية حياً وميتاً ، والنكاية ببني أمية اطلاقاً.
١ ـ أنها ألَّبَت على معاوية في بداية عهده الاستقلالي عدداً ضخماً من الشخصيات البارزة في المملكة الاسلامية.
فلعنه صراحةً بعضهم ، وخبَثه آخر ، وقرعه وجاهاً ثالث بل ثلاثة ، وقاطعه رابع ، وانكر عليه حتى مات غماً من فعاله كبير خامس ، وقال فيه أحدهم : « وكان واللّه غداراً ». وقال الآخر (١) : « اربع خصال كنَّ في معاوية لو لم يكن فيه منهن الا واحدة لكانت موبقةً ». وقابله على مثل ذلك كثير من سادة وسيدات ، لسنا الآن بصدد احصائهم ، أو استيعاب كلماتهم.
٢ ـ وخلقت له معارضة الطبقات التي شملتها بنود المعاهدة ، سواء في الامان المفروض فيها ، أو في الحقوق المالية المنصوص عليها. فاذا بعالم عظيم من الناس أصبح ينظر الى معاوية نظره الى العدوّ الواتر في النفس والمال ، بما نقضه من شروطهم ، في نفوسهم وأموالهم.
٣ ـ وظن معاوية أنه سيجعل من نقضه معاهدة الحسن وضعاً شكلياً لبيعة ابنه يزيد ، يتغلب به على عنعنات الاسلام المقررة بين المسلمين في أمر البيعة وصلاحية الخلافة.
ولكنه لم يلبث أن اصطدم بالواقع ، فاذا بهذه البيعة الجديدة ،
__________________
١ ـ كان الذي لعنه صاحبه سمرة ، والذي وصفه بأخبث الناس صديقه المغيرة ، وكان الذي قرعه وجاهاً عائشة وآخرون ، والذي قاطعه مالك بن هبيرة السكوني ، والذي مات غماً من فعاله الربيع بن زياد الحارثي ، وكان السادس أبا اسحق السبيعي ، والسابع الحسن البصري. ويراجع عن ذلك شرح النهج وابن الاثير ومروج الذهب وغيرها.