مثار النقمة الاسلامية العامة التي اصبحت تتحسس منذ ترشيح يزيد للخلافة بنوايا بني أمية من الاسلام.
٤ ـ ثم كانت البوائق الدامية التي جهر بها معاوية بعد نقض الصلح ، في قتله خيار المسلمين ـ من صحابة وتابعين ـ بغير ذنب ، عوامل أخرى للتشهير به ، ولتحطيم معنوياته المزعومة ، تمشياً مع الخطة المكينة ، التي أرادها الامام الحسن (ع) منذ قرر الاقدام على الصلح.
٥ ـ وقضية الحسين في كربلاء سنة (٦١) هجري ، كبرى قضايا الحسن فيما مهد له من الزحف على عدوهما المشترك ، وعدو أبيهما من قبل.
ولا ننسى أنه قال له يوم وفاته : « ولا يوم كيومك أبا عبد اللّه ».
وهذه الكلمة على اختزالها ـ المقصود ـ هي الرمز الوحيد الذي سُمع من الحسن عليهالسلام ، فيما يشير به الى الخطة المقنَّعة بالسر ، التي اعتورها الغموض من ست جهاتها ، منذ يوم الصلح الى يوم صدور هذا الكتاب. وانك لتقرأ من هذه الكلمة لغة « القائد الاعلى » الذي يوزّع القواد لوقائعهم ، ويوزع الايام لمناسباتها ، ثم يميز أخاه ويوم أخيه فيقول : « ولا يوم كيومك .. ».
وكان من طبيعة الحال ان تبعث المناسبات الزمنية حلقات الخطة كلاً ليومها. وكان لابد لكل حلقة أن توقظ الاخرى ، وأن تؤرث السابقة اللاحقة ، وتوقد الاولى جذوة الثانية ، وهكذا دواليك.
وحسبَ الحسن لكل هذه الخطوات حسابها المناسب لها ، منذ قاول معاوية على هذا الصلح المعلوم ، ودرس ـ الى ذلك ـ نفسيات خصومه بما كانت تشرئب له من النقمة عليه وعلى أخيه وعلى شيعته وعلى أهدافه جميعاً. وكانت هذه المطالعات بنطاقها الواسع ، الاساس الذي بنى عليه الحسن خطواته المستقبلة فيما مهَّده لنفسه ولعدوه معاً.