للتغافل عن عناصر الموضوع التي كان لها أروع الاثر في النتائج التي توخاها الحسن بن علي من صلحه مع معاوية بن أبي سفيان. ولذلك ، ولما لهذه التفاصيل الحساسة الثقيلة على النفس من الاهمية القصوى لموضوعنا العام ، فلابد لنا من مسايرة هذا الموضوع في سائر خطواته ، حتى ينتهى بنا أو ننتهي به الى النتائج الواضحة المملاة عن مقدماتها المسلمة ، بما في هذه النتائج من مجد المظلوم ( الغالب ) وخزاية الظالم ( المغلوب ) ، فنقول :
١
الوفاء بالشرط الاول
كان هذا الشرط هو الشرط الوحيد الذي لمعاوية على الحسن.
فكان هو الشرط الوحيد الذي حظي بالوفاء من شروط هذه المعاهدة اطلاقاً.
ثم لا يعهد من الحسن بعد توقيعه الصلح ، أي محاولة لنقض شرطه هذا ولا التحدث بذلك ، ولا الرضا بالحديث عنه.
وجاءه زعماء شيعته بعد أن أعلن معاوية التخلّف عن شروطه ، فعرضوا عليه ـ وقد رجع الى المدينة ـ أنفسهم واتباعهم للجهاد بين يديه ، ووعده الكوفيون منهم باخلاء الكوفة من عاملها الاموي ، وضمنوا له الكراع والسلاح لاعادة الكرة على الشام ، فلم تهزه العواصف ولا قلقلته حوافز الانصار المتوثبين.
فقال له سليمان بن صرد ، وهو اذ ذاك سيد العراق ورئيسهم ـ على حد تعبير ابن قتيبة عنه ـ : « وزعم ـ يعني معاوية ـ على رؤوس الناس ما قد سمعت : اني كنت شرطت لقوم شروطاً ووعدتهم عدات ومنيتهم أمانيّ ..