وأمر حاجبه ان لا يأذن لاحد من الناس وان قرب. ثم أرسل الى الحسين بن علي وعبد اللّه بن عباس ، فسبق ابن عباس ، فأجلسه عن يساره ، وشاغله بالحديث حتى أقبل الحسين ودخل ، فأجلسه عن يمينه ، وسأله عن حال بني الحسن (!! ) وأسنانهم ، فأخبره.
« ثم خطب معاوية خطبة أثنى فيها على اللّه ورسوله وذكر الشيخين وعثمان ، ثم ذكر أمر يزيد ، وانه يحاول ببيعته سدّ خلل الرعية! ، وذكر علمه بالقرآن والسنة! ، واتصافه بالحلم! ، وأنه يفوقهما سياسة ومناظرة! وان كانا أكبر منه سناً (١) ، وأفضل قرابة. واستشهد بتولية النبي صلى اللّه عليه ( وآله ) وسلم عمرو بن العاص في غزوة « ذات السلاسل » على أبي بكر وعمر وأكابر الصحابة ثم استجابهما عما ذكر ».
قال : « فتهيأ ابن عباس للكلام ، فقال له الحسين : على رسلك ، فانا المراد (٢) ، ونصيبي في التهمة أوفر.
وقام الحسين ، فحمد اللّه تعالى وصلى على الرسول صلىاللهعليهوآله وقال :
« أما بعد ـ يا معاوية ـ ، فلن يؤدي القائل وان أطنب في صفة الرسول صلى اللّه عليه وسلم من جميع جزءاً ، وقد فهمتُ ما لبست به الخلف بعد رسول اللّه (٣) من ايجاز الصفة ، والتنكب عن استبلاغ البيعة. وهيهات هيهات يا معاوية ، فضح الصبح فحمة الدجا ، وبهرت الشمس انوار السُرُج ، ولقد فضلت حتى أفرطتَ ، واستأثرت حتى أجحفت ومنعت حتى بخلتَ ، وجرتَ حتى جاوزتَ ، ما بذلتَ لذي حق من اسمٍ حقه
__________________
١ ـ سبق ان معاوية كان يحتج على الحسن بكبر سنه ، ولم تكن له حجة غيرها على استحقاقه الخلافة دونه. فما لهذه الباء لا تجر هنا؟!!.
٢ ـ لانه هو صاحب الحق بالخلافة بعد الحسن ، كما نص عليه جده رسول اللّه (ص) اولاً ، وكما نصت عليه معاهدة الصلح ثانياً.
٣ ـ يشير الى اعراضه عن ذكر أمير المؤمنين عليهالسلام فيمن ذكره بعد رسول اللّه (ص).