٣
الوفاء بالشرط الثالث
قال ابن الاثير « ان معاوية كان اذا قنت سبّ علياً وابن عباس والحسن والحسين والاشتر (١) ». ونقل أبو عثمان الجاحظ في كتاب [ الرد على الامامية ] : « ان معاوية كان يقول في آخر خطبته : اللهم ان أبا تراب ـ يعني علياً ـ الحد في دينك ، وصدَّ عن سبيلك ، فالعنه لعناً وبيلاً وعذبه عذاباً اليماً. وكتب بذلك الى الآفاق ، فكانت هذه الكلمات يشاد بها على المنابر (٢) ».
وقيل لمروان : « ما لكم تسبونه على المنابر؟ » فقال : « لا يستقيم لنا الامر الا بذلك!! » ..
وكان من مجهود معاوية في هذا السبيل ما طفحت به السير والتواريخ. وهو ـ على هذا ـ أول من سن الجهر بسب صحابة الرسول ، وأول من فتح هذا الباب على مصراعيه لمن جاء من بعده ، ولا نعرف أن أحداً سبقه الى مثل هذا اللهم الا ما كان من عائشة يوم قالت : « اقتلوا نعثلاً فقد كفر!! » ، ثم لا نعهد في علماء المسلمين من حكم على عائشة بالكفر ، ولا على معاوية بالمروق من الدين ، لانهما استباحا سبَّ الصحابة ، أو لانهما أوغلا في السب حتى عمدا الى التكفير. ومما لا شك فيه أن حكم الامثال واحد لا يختلف مع الزمان ، ولذلك ، فانا لا نجد مساغاً الى الحكم على من نال من معاوية أو نال من صحابي آخر ، الا بما حكم به علماء المسلمين على معاوية وعائشة في نيلهما من علي وعثمان ، لا أقل ولا أكثر.
وأما الاثر المزعوم القائل « بأيهم اقتديتم اهتديتم » ، فقد خُصَّ حتى سقط عمومه عن الحجية ، والا لكان السبابون للصحابة من الصحابة أولى
__________________
١ ـ « النصائح الكافية » لابن عقيل ( ص ١٩ ـ ٢٠ ).
٢ ـ « النصائح الكافية » لابن عقيل ( ص ١٩ ـ ٢٠ ).