لسانك يا ابن عباس. قال : فتنهانا عن قراءة القرآن؟ قال : لا ، قال : فتنهانا عن تأويله؟ قال : نعم ، قال : فنقرأه ولا نسأل عما عنى اللّه به؟ قال : نعم ، قال : فأيهما أوجب علينا قراءته أو العمل به؟ قال : العمل به ، قال : فكيف نعمل به حتى نعلم ما عنى اللّه بما أنزل علينا؟ قال : سل عن ذلك من يتأوله على غير ما تتأوله أنت وأهل بيتك ، قال : انما أنزل القرآن على أهل بيتي فأسأل عنه آل أبي سفيان وآل أبي معيط؟! قال : فاقرأوا القرآن ولا ترووا شيئاً مما أنزل اللّه فيكم ومما قال رسول اللّه ، وارووا ما سوى ذلك! قال ابن عباس : قال اللّه تعالى : يريدون أن يطفئوا نور اللّه بأفواههم ويأبى اللّه الا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. قال معاوية : يا ابن عباس اكفني نفسك وكف عني لسانك ، وان كنت لابد فاعلاً فليكن سراً ولا تسمعه أحداً علانية! ـ ثم رجع الى منزله واشتد البلاء بالامصار كلها على شيعة علي وأهل بيته ، وكان أشد الناس بلية أهل الكوفة لكثرة من بها من الشيعة ، واستعمل عليها زياداً ، وجمع له العراقين ، وكان يتتبَّع الشيعة وهو بهم عالم ، لأنه كان منهم ، فقتلهم تحت كل كوكب ، وتحت كل حجر ومدر واحلأهم وأخافهم ، وقطع الايدي والارجل منهم ، وصلبهم على جذوع النخل ، وسمل أعينهم ، وطردهم وشردهم ، وكتب معاوية الى قضاته وولاته في الامصار أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي الذين يروون فضله ويتحدثون بمناقبه شهادة!! وكتب الى عماله ، انظروا من قبلكم من شيعة عثمان الذين يروون فضله ويتحدثون بمناقبه فأكرموهم وشرّفوهم ، واكتبوا الي بما يروي كل واحد منهم فيه باسمه واسم أبيه ، وبعث اليهم بالصلات والكُسا ، وأكثر القطائع للعرب والموالي فكثروا ، وتنافسوا في المنازل والضياع ، واتسعت عليهم الدنيا ، ثم كتب الى عماله : ان الحديث قد كثر في عثمان فاذا جاءكم كتابي هذا فادعوهم الى الرواية في أبي بكر وعمر ، فقرأ كل قاض وأمير كتابه على الناس ، وأخذ الناس في الروايات فيهم وفي مناقبهم ، ثم كتب نسخة جمع فيها جميع ما روي فيهم من المناقب ، وأنفذها الى عماله ، وأمرهم بقراءتها على المنابر. وفي كل