وتقطع أيديكم وأرجلكم وتسمل أعينكم وترفعون على جذوع النخل في حب أهل بيت نبيكم وأنتم مقيمون في بيوتكم وطاعة عدوكم!! ».
والحديث على اقتضابه تفصيل غريب ومعرض رهيب لم يحدثنا المسعودي الا بطرف منه فيما نقلناه عنه قريباً.
أما المدائني المتوفى سنة ٢٢٥ ، وسليم بن قيس المتوفي سنة ٧٠ ، فانهما عرضا صورة كاملة من هذه المعارض الرهيبة والمآسي الكئيبة ، وكان سليم بن قيس أحد شهودها المروّعين بها ، لانه عاش معاصراً لمعاوية ومات بعده بعشر سنين ، ولا شاهد كشاهد عيان ، ولذلك فلنؤثر لفظه ، وان كان المدائني يكاد لا يختلف عنه في قليل ولا كثير ، قال :
« قدم معاوية حاجاً ـ في خلافته ـ بعدما قتل أمير المؤمنين وصالح الحسن .. واستقبله أهل المدينة وفيهم قيس بن سعد ـ وكان سيد الانصار وابن سيدهم ـ فدار بينهما الحديث حتى انتهيا الى [ الخلافة ]. فقال قيس : ولعمري ما لأحد من الأنصار ولا لقريش ولا لاحد من العرب والعجم في الخلافة حق مع علي وولده من بعده. فغضب معاوية .. ونادى مناديه وكتب بذلك نسخة واحدة الى عماله : ( ألا برئت الذمة ممن روى حديثاً في مناقب علي وأهل بيته!! ). وقامت الخطباء في كل كورة ومكان على المنابر بلعن علي بن أبي طالب والبراءة منه ، والوقيعة في أهل بيته ، واللعنة لهم بما ليس فيهم. ثم ان معاوية مرّ بحلقة من قريش ، فلما رأوه قاموا اليه غير عبد اللّه بن عباس ، فقال له : يا ابن عباس ما منعك من القيام كما قام أصحابك الا لموجدة عليّ بقتالي اياكم يوم صفين ، يا ابن عباس ان ابن عمي عثمان قتل مظلوماً ، قال ابن عباس : فعمر بن الخطاب قد قتل مظلوماً فسلم الامر الى ولده ، وهذا ابنه. قال : ان عمر قتله مشرك ، قال ابن عباس : فمن قتل عثمان؟ قال : قتله المسلمون ، قال : فذلك أدحض لحجتك ، ان كان المسلمون قتلوه وخذلوه فليس الا بحق ، قال : فانا كتبنا الى الآفاق ننهى عن ذكر مناقب عليّ وأهل بيته ، فكف