ينظر منه الاقوياء ] ، قال : « اني لم آتك الا على الامان » ، قال : « انطلقوا به الى السجن ».
ثم كان بعد ذلك في الركب المثقل بالحديد الذي يسار به الى القتل صبراً. وفي الحديث : « من آمن رجلاً على دمه فقتله فأنا بريء من القاتل وان كان المقتول كافراً (١) ».
ومروا به ـ ولما يخرجوا بالقافلة من الكوفة ـ على داره فاذا بناته مشرئبات اليه يبكينه ، فقال للحرسيين وائل وكثير : « ائذنا لي فاوصي الى أهلي » ، فلما دنا منهن وهن يبكين سكت عنهن ـ ساعة ـ ، ثم قال لهن : « اسكتن » ، فسكتن ، فقال : « اتقين اللّه عزّ وجل واصبرن فاني ارجو من ربي في وجهي هذا احدى الحسنيين : اما الشهادة وهي السعادة ، واما الانصراف اليكن في عافية. وان الذي يرزقكن مؤونتكن هو اللّه تعالى ، وهو حي لا يموت [ انظر الى النفس الملائكية في اهاب البشر الانساني ] أرجو ان لا يضيعكنَّ ، وأن يحفظني فيكن ». ثم انصرف.
وباتت الاسرة اليائسة الولهى ( كما يشاء معاوية ) تخلط البكاء بالبكاء ، وتصل الدعاء بالدعاء ، وكم لبنات قبيصة يومئذ من أمثال.
قال الطبري : « ووقع قبيصة من ضبيعة في يدي أبي شريف البدّي فقال له قبيصة : ان الشر بين قومي وبين قومك آمن فليقتلني سواك ، فقال : برّتك رحم! ثم قتله القضاعي! ».
أقول : وأيّ نفس قوية هذه التي تنتبه في مثل هذه اللحظة الى الحؤول دون الشرّ بين القومين والاحتياط على الاصلاح.
ه ـ كدام بن حيان العنزي.
و ـ محرز بن شهاب بن بجير بن سفيان بن خالد بن منقر التميمي (٢)
__________________
١ ـ الاصابة ( ج ٤ ص ٢٩٤ ).
٢ ـ يراجع عما كتبناه في حجر واصحابه : الدينوري وابن الاثير والطبري وابن أبي الحديد والاستيعاب والنصائح الكافية وتاريخ الكوفة.