و « حبس (١) معاوية صعصعة بن صوحان العبدي وعبد اللّه بن الكواء اليشكري ورجالاً من أصحاب علي مع رجال من قريش ، فدخل عليهم معاوية يوماً فقال : نشدتكم باللّه الا ما قلتم حقاً وصدقاً ، أيّ الخلفاء رأيتموني؟ فقال ابن الكواء : لولا انك عزمت علينا ما قلنا ، لانك جبار عنيد ، لا تراقب اللّه في قتل الاخيار ، ولكنا نقول : انك ما علمنا واسع الدنيا ضيق الآخرة ، قريب الثرى بعيد المرعى ، تجعل الظلمات نوراً والنور ظلمات ، فقال معاوية : ان اللّه أكرم هذا الامر بأهل الشام الذابين عن بيضته ، التاركين لمحارمه ، ولم يكونوا كأمثال اهل العراق المنتهكين لمحارم اللّه ، والمحلين ما حرم اللّه ، والمحرمين ما احل الله. فقال عبد الله ابن الكواء : يا ابن ابي سفيان ان لكل كلام جواباً ، ونحن نخاف جبروتك ، فان كنت تطلق السنتنا ذببنا عن أهل العراق بألسنة حداد لا يأخذها في اللّه لومة لائم ، والا فانا صابرون حتى يحكم اللّه ويضعنا على فرحه. قال : واللّه لا يطلق لك لسان ـ ثم تكلم صعصعة فقال : تكلمت يا ابن ابي سفيان فأبلغت ولم تقصر عما أردت ، وليس الامر على ما ذكرت ، أنى يكون الخليفة من ملك الناس قهراً ، ودانهم كبراً ، واستولى بأسباب الباطل كذباً ومكراً ، أما واللّه مالك في يوم بدر مضرب ولا مرمى ، وما كنت فيه الا كما قال القائل : لا حلى ولا سيرى ، ولقد كنت أنت وابوك في العير والنفير ممن أجلب على رسول اللّه صلى اللّه عليه ( وآله ) وسلم. وانما أنت طليق ابن طليق ، أطلقكما رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم. فأنى تصلح الخلافة لطليق؟. فقال معاوية : لولا أني ارجع الى قول أبي طالب حيث يقول :
قابلت جهلهمو حلماً ومغفرة |
|
والعفو عن قدرة ضرب من الكرم |
لقتلتكم ، وسأله معاوية : من البررة ومن الفسقة؟ فقال : يا ابن ابي سفيان ترك الخداع من كشف القناع ، علي وأصحابه من الائمة الابرار ، وأنت وأصحابك من اولئك. وسأله عن أهل الشام فقال : اطوع الناس
__________________
١ ـ المسعودي هامش ابن الاثير ( ج ٦ ص ١١٧ ).