لا يشبه ظرف أخيه منهما ، فكان من طبيعة اختلاف الظرفين اختلاف شكل الجهادين ، واختلاف النهايتين اخيراً.
١ ـ ظروفهما من انصارهما
ومثلت خيانة الاصدقاء الكوفيين ، بالنسبة الى الحسين عليهالسلام خطوته الموفقة في سبيل التمهيد لنجاحه المطرد في التاريخ ، ولكنها كانت بالنسبة الى أخيه الحسن عليهالسلام ـ يوم مسكن والمدائن ـ عقبته الكؤود التي شلت ميدانه عن تطبيق عملية الجهاد. ذلك لان حوادث نقض بيعة الحسين كانت قد سبقت تعبئته للحرب ، فجاء جيشه الصغير يوم وقف به للقتال ، منخولاً من كل شائبة تضيره كجيش امام له أهدافه المثلى.
أما الجيش الذي أخذ مواقعه من صفوف الحسن ، ثم فر ثلثاه ونفرت به الدسائس المعادية ، فاذا هو رهن الفوضى والانتقاض والثورة ، فذلك هو الجيش الذي خسر به الحسن كل أمل من نجاح هذه الحرب.
ومن هنا ظهر أن هؤلاء الاصدقاء الذين بايعوا الحسن وصحبوه الى معسكراته كمجاهدين ، ثم نكثوا بيعتهم وفروا الى عدوهم أو ثاروا بامامهم ، كانوا شراً من اولئك الذين نكثوا بيعة الحسين قبل ان يواجهوه.
وهكذا مهد الحسين لحربه ـ بعد أن نخلت حوادث الخيانة انصاره ـ جيشاً من أروع جيوش التاريخ اخلاصاً في غايته وتفاديا في طاعته وان قل عدداً.
أما الحسن فلم يعد بامكانه أن يستبقي حتى من شيعته المخلصين انصاراً يطمئن الى جمعهم وتوجيه حركاتهم ، لان الفوضى التى انتشرت عدواها في جنوده كانت قد أفقدت الموقف قابلية الاستمرار على العمل ، كما أشير اليه سابقاً.
وأيّ فرق أعظم من هذا الفرق بين ظرفيهما من أنصارهما؟.