وللانعاش في ترفيع مخصصات الجيش سلطانه المحبَّب على النفوس ، وله أثره في تأليف العدد الاكبر من الناس للخدمة في الجهاد.
وكانت ظاهرةً تحتمل الاستعداد للحرب ، ولكنها ـ مع ذلك ـ غير صريحة بالتصميم عليه ، ما دامت ظاهرة انعاش في عهدٍ جديد. وهي على هذا الاسلوب ، من التصرفات التي تجمع الكلمة ولا تثير خلافاً ، في حين أنها استعداد حكيم للمستقبل الذي قد يضطرّه الى حرب قريبة.
٣ ـ أنه امر بقتل رجلين كانا يتجسّسان لعدوّه عليه. وهدّد بتنفيذ هذا الحكم روح الشغب التي كان يستجيب لها عناصر كثيرة في المِصرين ( الكوفة والبصرة ).
قال المفيد رحمهالله : « فلما بلغ معاوية وفاه أمير المؤمنين وبيعة الناس ابنه الحسن ، دسّ رجلاً من حمير الى الكوفة ، ورجلاً من بني القين الى البصرة ، ليكتبا اليه بالاخبار ، ويفسدا على الحسن الامور. فعرف بذلك الحسن ، فأمر باستخراج الحميري من عند لحام بالكوفة ، فأخرج ، وأمر بضرب عنقه. وكتب الى البصرة باستخراج القيني من بني سليم ، فأخرج وضربت عنقه (١) ».
وروى أبو الفرج الاصفهاني نحواً مما ذكره المفيد ، ثم قال : « وكتب الحسن الى معاوية : أما بعد فانت دسست اليَّ الرجال ، كأنك تحب اللقاء ، لا أشك في ذلك ، فتوقعه ان شاء اللّه ، وبلغني انك شمتَّ بما لم يشمت به ذوو الحجى ( يشير الى ما تظاهر به معاوية من الفرح بوفاة أمير المؤمنين عليهالسلام ) ، وانما مثَلك في ذلك كما قال الاول :
فانّا ومن قد مات منا لكالذي |
|
يروح ويمسي في المبيت ليغتدي |
فقل للذي يبغي الخلاف الذيمضى |
|
تجهَّز لاخرى مثلها فكأن قَدِ |
٤ ـ تمهّله عن الحرب رغم الحاح الاكثرين ممن حوله على البدار اليها ،
____________
١ ـ الارشاد ( ص ١٦٨ ) والبحار وكشف الغمة.