رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم فتح مكّة ، فإنّه عفا والأحقاد لم تبرد ، والإساءة لم تُنسَ ...
وأمّا سماحة الأخلاق ، وبشر الوجه ، وطلاقة المحيّا والتبسّم ، فهو المضروب به المثل فيه ...
قال صعصعة بن صوحان وغيره من شيعته وأصحابه : كان فينا كأحدنا ، لين جانب ، وشدّة تواضع ، وسهولة قياد ، وكنّا نهابه مهابة الأسير المربوط للسيّاف الواقف على رأسه ..
وقد بقى هذا الخُلُق متوارثاً ، متناقلاً في محبّيه وأولياءه إلى الآن ، كما بقى الجفاء والخشونة والوعورة في الجانب الآخر .
ومن له أدنى معرفة بأخلاق الناس وعوائدهم يعرف ذلك )(١) .
فأهل البيت عليهمالسلام هم قمّة الأخلاق الكريمة ، وذروة الشيم العظيمة ، بالوجدان والعيان ، وبتصديق المؤالف والمخالف .
فإنّهم هم الذين اهتمّوا بالأخلاق الفاضلة غاية الاهتمام ، حتّى جعلها سيّدهم الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم من غايات البعثة النبويّة الشريفة حيث قال : ـ
( بُعثت لاُتمّم مكارم الأخلاق )(٢) .
وجعله وصيّه أمير المؤمنين عليهالسلام رأس الايمان حيث قال : ـ
(رأس الإيمان حُسن الخلق ، والتحلّي بالصدق )(٣) .
لذلك تلاحظ أنّه حتّى على الصعيد الإسلامي الذي هو القمّة الشاهقة في حقل الأدب الأخلاقي ، يتمثّل المسلك الصحيح والخالص من كلّ شوب في مذهب أهل البيت عليهمالسلام فقط دون سائر المذاهب والفرق الإسلاميّة ، وفي سيرة محمّد
__________________________________
(١) شرح نهج البلاغة / ج ١ / ص ١٧ ـ ص ٢٦ .
(٢) مستدرك الوسائل / ج ١١ / ص ١٨٧ .
(٣) غرر الحكم / ص ٩٤ .