القرآن ، وشغل نفسه بذلك ، وتفرّد به في منزله .
وأنّ بعض تلامذته دخل يوماً على الإمام العسكري عليهالسلام فقال له أبو محمّد عليهالسلام : ـ أما فيكم رجلٌ رشيد يردع اُستاذكم الكندي عمّا أخذ فيه من تشاغله بالقرآن ؟
فقال التلميذ : ـ نحن من تلامذته ، كيف يجوز منّا الاعتراض عليه في هذا أو غيره ؟!
فقال أبو محمّد عليهالسلام : ـ أتؤدّي إليه ما اُلقيه إليك ؟
قال : ـ نعم .
قال عليهالسلام : ـ فصُر إليه وتلطّف في مؤانسته ومعونته على ما هو بسبيله ، فإذا وقعت الاُلفة في ذلك فقُل : ـ قد حضرتني مسألة أسألك عنها ؟
فإنّه يستدعي ذلك منك .
فقُل له : إن أتاك هذا المتكلّم بهذا القرآن هل يجوز أن يكون مراده بما تكلّم به منه غير المعاني التي قد ظننتها أنّك ذهبت إليها ؟
فإنّه سيقول إنّه من الجائز ، لأنّه رجلٌ يفهم إذا سمع .
فإذا أوجب ذلك فقُل له : فما يدريك لعلّه قد أراد غير الذي ذهبتَ أنت إليه ، فتكون واضعاً لغير معانيه ؟
فصار الرجل إلى الكندي وتلطّف ، إلى أن ألقى عليه هذه المسألة .
فقال له أعِد عليَّ ، فأعاد عليه ، فتفكّر في نفسه ، ورأى ذلك محتملاً في اللّغة وسائغاً في النظر ، فقال : أقسمت عليك ألا أخبرتني من أين لك ؟
فقال : إنّه شيء عَرَض بقلبي فأوردته عليك .
فقال ـ الكندي ـ : كلّا ما مثلك من اهتدى إلى هذا ، ولا من بلغ هذه المنزلة فعرِّفني من أين لك هذا ؟
فقال : أمرني به أبو محمّد عليهالسلام .