فإنّ الإسلام جعل أحكاماً وحدوداً حتّى بالنسبة إلى الحيوانات ..
وبنى على الرفق حتّى في غير البشر .
ففي الحديث عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ـ
( للدابّة على صاحبها ستّ خصال :
يبدأ بعَلفِها إذا نزل ، ويعرض عليها الماء إذا مرّ به ، ولا يضرب وجهها فإنّها تسبِّح بحمد ربّها ، ولا يقف على ظهرها إلّا في سبيل الله عزّ وجلّ ، ولا يحمّلها فوق طاقتها ، ولا يكلّفها من المشي إلّا ما تُطيق )(١) .
وقال الإمام الصادق عليهالسلام : ـ
( قال عليّ بن الحسين لابنه محمّد عليهمالسلام حين حضرته الوفاة :
إنّي قد حججتُ على ناقتي هذه عشرين حجّة ، فلم أقرعْها بسوطٍ قرعة ، فإذا نفقَت ـ أي ماتت ـ فادفنها لا يأكل لحمها السباع )(٢) .
هذه هي السيرة الحسنة ، والطريقة المستحسنة في الحياة ، وفي اسلوب المعاشرات .. حتّى مع البهائم والحيوانات ، فكيف بالمعاشرة مع الناس ، خصوصاً المؤمنين ، خصوصاً الأرحام والأقربين .
فيلزم علينا تحسين السيرة قولاً وعملاً مع الآخرين ، حتّى التكلّم بهدوء لا بصياح ، والنظر بلطف لا بشَزَر .
وهذه السيرة الطيّبة من مكارم أخلاق المؤمن الصالح التقيّ ، ومن مقوّمات صلاحه وتقواه ، وممّا يدلّ على حُسن باطنه وطيب نفسه .
والمدرسة العليا لهذه السيرة هي مدرسة أهل البيت عليهمالسلام ، والمَثَل الأعلى لهذه
__________________________________
(١) الخصال / ص ٣٣٠ / باب الستّة / ح ٢٨ .
(٢) الوسائل / ج ٨ / ب ٥١ / من أحكام الدوابّ / ح ١ .